اتصل بي صديقي أبو مالك من الدمام صباح يوم الأربعاء 26 من سبتمبر 2012م. وقال لي بهدوئه المعتاد: «هل اطلعت على ما كتب عنك فلان؟ ثم ذكر جريدة تصدر في المملكة تناول فيها أخ فاضل رأيي عن التشكيك في الصعود إلى القمر في تلك الحملة العجيبة التي زعمت فيها أمريكا أنها وصلت إلى سطح القمر بثلاثة رجال، نزل اثنان وبقي الثالث يدور فوقاً. ولقد شرحت هذا الموضوع في مقالة موسعة نشرها موقع إيلاف الإلكتروني لمن شاء أن يطلع. إنني أعرف تماما حماس كثيرين لأمريكا لدرجة تُقارب العبادة، وكأنهم يظنون أنها إذا قالت للشيء كن فيكون! وهي صفة الرب ذي العزة والجلال، وليست صفة العباد الذين لا يملكون ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وكذب أمريكا أشهر من جبل قاف، ومن رأى أفلام هوليود، وكيف تنتج فيلم التيتانيك في بركة، يعرف أنهم يقلبون العصا ثعبانا، وهو يذكرنا بالمبدأ الذي وضعه الإمام الغزالي منذ القديم، أن يقينه لن يهتز حتى لو قلبوا العصا ثعبانا، والتراب تبرا. نحن نعلم أن كذبات بقدر الجبال تمررها أمريكا حين ترى مصلحتها في ذلك، ونحن لا نعرف حتى اليوم من الذي اغتال كيندي فهل هذا معقول؟ وهم الذين أماطوا اللثام عن 19 شخصا في أيام ممن نسفوا البرجين، ومعها سمعة أمريكا. حتى أحداث سبتمبر أذكر جيدا حين دعتني منظمة إسلامية في بلجيكا كان منها (تيري ميسان) الفرنساوي الذي كتب (الخديعة الكبرى) يروي كذب أمريكا في حادثة البرجين والبنتاجون، بل لقد رأيت اثنين من الأمريكيين يقدمان وثائق على كذب المؤسسات الأميركية، ولسوف يقاضيان بوش الابن في المحاكم الأمريكية. لا يعني هذا أن أمريكا ليس فيها أناس أفاضل؛ فالقرآن علمنا المبدأ الذي يقول (ليسوا سواء). أمريكا بلد عجيب هائل من واحد وخمسين دولة، فيها خمسون ألف ملة ونحلة. أذكر نفسي حين انتقلت بالباص من مطار كيندي إلى مطار لاغوارديا وأنا أمر في أحياء ظننت نفسي أنني في سوريا أو المغرب حيث مدن الصفيح والفقر. وقبل أيام وقع تحت يدي بحث عن رجل اسمه (شتروبه) ألماني جمع 39 كذبة علمية من أشهر ما راج كما في كاتب الجريدة السعودية الذي هاجمني حين طلبت من العقل التحري والنقد. تتبعها الرجل منذ عام 1974 م وكان من أعجبها رجل (Summerlin) طلى ظهور الفيران بمادة لا تزول (طبيب جلدية Dermatologist) فذهبت مثلا في تزوير حقائق المختبرات (أطلي الفيران Painting Mice)، وآخر اسمه شون كيف زور مائة بحث ويزيد عن الليزر وأشباه الموصلات، ونشرتها مجلات معتبرة مثل العلم، ومجلة الطبيعة وهي مجلات محكمة! كيف نشروا أبحاثا مزورة جملة، أو بالتفاصيل ولفترة طويلة، وقبل فترة اجتمعت أيضا ببحث كتبه رجل سويسري اسمه (ديكمان) مهمته كشف التزوير في الأبحاث العلمية، كشف النقاب عن بلفات مذهلة، مثل أبحاث الاستنساخ التي أعلن عنها طبيب كوري كان يستخدم سكرتيرته كحقل تجارب، وميدان بلف وكذب. ونحن نعلم منذ فترة بعيدة كيف انتشرت كذبة (بيلت داون) لمدة أربعين عاما عن اكتشاف الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان لإثبات نظرية دارون. وخلاصة القول أن العقل النقدي هو السلاح الماضي في كشف الكذب العلمي. ونصيحتي للأخ الذي نقدني أن يسمح لعقله بفتح الباب لكل الاحتمالات، حتى رحلة الذهاب إلى القمر! والله علمنا أن نقول وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين. وهذه القاعدة تنطبق على رحلة القمر، وكشف الذرة، وحركة الظل والبوزيترون وتلاقح النخل والنحل.