ما يجري في سوريا الآن حرب في عدة جبهات منها الإعلامي فيتسمم الناس على مدار الساعة ولا يعرف المرء أين الحقيقة؟. في هذا يقول (ديكمان) الخبير في الكذب العلمي: إن الثقة أساسية في العلم مثل العملة، فنحن نعرف أن هناك قدرا ضئيلا من أوراق مزورة، ولكن إذا كثرت انهارت الثقة في كل العملة، وكذلك الثقة في العلم. والمال والمصالح يؤديان دورا قذرا في اللعبة.والتزوير في الأبحاث البيولوجية والإحصائية، أشد منها في العلوم الإنسانية خلاف المتوقع، حيث يسقط علم أرسطو ومنطقه الصوري في الفخ.وفي العلم لا يوجد سحر بل وضوح ومعادلات صارمة، وهو المبدأ الذي رواه (ديورانت) في كتابه (قصة الفلسفة) عن (فرانسيس بيكون) أن العلم لم يتقدم بالأسرار بل ب (العلنية) ونقاش الآراء فلا يوجد في العلم أسرار، بل صدق ومثابرة وإخلاص إلى حد التبتل. وحسب (ديكمان) فلا نجاة من هذا المرض وتحرير العلم من الضحك عليه إلا بالمراقبة الصبورة الدؤوبة المتكررة المعادة، وهي تلك التي أشار لها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة عن أمراض النقل في الأخبار، وفي هذا يقول (الوردي) إن العقل الإنساني آخر ما يبحث عنه هو العدل والحق والحقيقة، بل هو عضو للبقاء مثل درع السلحفاة وناب الأفعى وقرن الثور وساق النعامة. ومن أشهر قصص الكذب والتزوير في العلم ما حصل ل (روزاليند فرانكلين) التي طورت تقنية الكشف عن الكود الوراثي، ليسرق جهدها وهي على قيد الحياة المشرف على عملها (موريس ولكينز) ليقدمه لكل من (جيمس واتسون) و(فرانسيس كريك) ليحصدا جائزة نوبل، وتموت هي بسرطان الثدي. كما أن (اديسون) المشهور سرق جهد العالم الصربي (تيسلا) الذي اكتشف التيار المتناوب، ولم تكن معروفة سوى الكهرباء الساكنة. وفي تاريخ التزوير والكذب العلمي جعبة مليئة بالقصص المثيرة، أشهرها ما فعله (تروفيم ليسنكو Trofim Lyssenko) حينما جنده ستالين لتدجين العلم لحساب الإيديولوجية، وتم عزل عالم الإحياء الشهير (أفيلوف).أو تلك التي اشتهرت في الأربعينات من القرن العشرين عن كذبة (بيلت داون) عن كشف الحلقة المفقودة (Missing Link) في نظرية دارون.أو زعم الوصول إلى الطاقة الهيدروجينية بالطريقة الباردة، على يد مجموعة (فلايشمان)، فأخرجته هوليوود في فلم (القديس The Saint) عن (الفورمولا) هو يصلح كفيلم ولكن ليس للعلم الحقيقي.وهكذا فالدجل يمكن أن يمشي في شرايين أي علم، وأعظم الدجالين كانوا كهنة فرعون، ولم يتم تجهيل المواطنين بقدر ما فعل كهنة معبد أوروك..قال الله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ 0لْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ 0للَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ).