في إحدى المقابلات مع الدكتور فاروق الباز العالم المصري المتخصص في جيولوجيا الفضاء تحدث عن مشاركته مع الفريق الذي خطط لرحلة «أبولو 11» إلى القمر، ودوره في تحديد 16 موقعاً مناسباً للهبوط، من بين 4 آلاف موقع، ثم وصف كيف كان نيل آمسترونغ لم يكن يعرف ما سيقول بعد أن تطأ قدمه سطح القمر، لكنه فاجأ رفاقه والعالم بمدى دقة الكلمة وصدقيتها حين سمعوه يقول بصوت متهدج بمهابة اللحظة: «إنها خطوة صغيرة لرجل، ولكنها قفزة عملاقة للبشرية»، وقال عنها أوباما في مقابلة لفريق «أبولو 11»: «إن العالم كله لا يزال يستمد الإلهام من تلك اللحظة التي قمتم بها». بعد 40 عاماً من هذه اللحظة ودّع نيل آمسترونغ العالم، وأميركا تتحضر للوصول إلى المريخ المليء بالثلوج التي يمكن بعد زمن أن يتحول إلى ماء وقد تصدّره إلينا بأغلى من سعر النفط. الجماعة الذين يسكنون وسط الغابات ومصبات الأنهار والبحيرات كل همهم البحث عن تأمين الماء والغذاء والوقود، بينما نحن الذين نعيش وسط الصحاري وموجات الجفاف المتصاعدة والغبار عملنا طوال هذه ال40 عاماً، لإثبات كذب أميركا وفبركتها لقصة وصول الإنسان إلى القمر، بمناكفات تنتشر اليوم في معظم المواقع الإلكترونية، وبمستويين من التحليل، الأول يقدّم أدلة علمية تقول إن العَلَم الذي زرعه آمسترونغ فوق سطح القمر كان «يهفهف» والقمر لا توجد به رياح، وكيف تظهر نجوم وتلك المنطقة بلا نجوم، أما الدليل الثالث فهو ظهور ظل على كتف الرفيق الثاني في الفريق. لكن هذه الأدلة العلمية عصيت على فهم البعض فلم تجد رواجاً، لهذا حاول بعض شيوخ الدين تبسطيها، فأحدهم قال إن أميركا قد توهمت أنها وصلت إلى القمر، بينما لم يكن ذلك سوى الشيطان الذي نفخ نفسه فحطوا فوقه مصدقين، وقال شيخ آخر إن الله قد أغنانا عن هذه المهاترات بأن ذكر لنا أن القمر آية وكفى، وأن هذا الفريق عليه أن يثبت إن كان ما وصلوا إليه كان قمراً بأن يخبرونا عن شق ورد ذكره في كتب التراث الإسلامي. الخلاصة: «أميركا كذابة». كان صعباً أن نصدق شهادة العالِم فاروق الباز عن وصول الإنسان إلى القمر والاستفادة من تجارب مؤسسات الفضاء العلمية المهتمة بالتخطيط والبحث عن مصارد الحياة والطاقة في الكواكب، وسهل علينا تصديق ملحم بركات حين غنّى «على بابي واقف قمرين»، ولهذا السبب ربما قامت الجامعة المصرية بتكليف فاروق الباز عندما عاد إليها بعد هذه الرحلة بتدريس «الكيمياء» وأن يترك عنه جيولوجيا القمر، فالقمر في السماء ليس كالقمر على الأرض. على قدر العقول يأتي الفهم، لكن رحيل آرمسترونغ كان أهون من رحيل ستيف جوبز الذي أشغل جماعتنا في «تويتر» يوم مات بالنقاش حول جواز الترحم عليه، وهو كافر. هؤلاء جميعهم كانوا يتحدثون من كومبيوترات ماكنتوش وآي باد وآي فون، هذه الأجهزة التي وفرتها لهم عبقريته وشركته وسنو عمره الطوال في العمل والجد، وما درى أن بعض المنتفعين ما كان سيشغلهم يوم موته هو حكم الترحم عليه، وليتهم اخترعوا لنا قولاً جميلاً يصح عليه إن لم تسعْه رحمة رب العالمين. إنها «وقاحة» تشبه وقاحة متسول يستضيفه إنسان على طاولته فيأكل من طعامه ويشرب من مدامه، ثم يقول له: «والله عليك ملاحظات». [email protected]