أبها، جدة، حائل – سارة القحطاني، تهاني البقمي، شعاع الفريح العضل للرجال وليس للنساء لأن المرأة مَن تعضل الرجل وليس هو مَن يعضلها. من أسباب العضل.. الاستحواذ على مالٍ ورثته الفتاة أو أجرها الشهري من عملها. عقدة ابن العم لا تزال موجودة وإن كانت بنسبة أقل عما كان سائداً في السابق. فراسة القاضي تكشف حقيقة الادعاء المضاد من العاضل.. وتنصف الشاكية. الزهراني: أطالب بمراكز داخل الأحياء لحل قضايا العضل.. فبعض الفتيات حاولن الانتحار. كوشك: نسبة عالية من قضايا العضل في القرى والهجر لم تُحرك قضائياً وإعلامياً. تنتشر في المملكة قضية «عضل الفتيات»، التي تتمحور حول تعطيل الفتاة عن الزواج وعضلها لأسباب عدة منها، أن يكون وليها طامعاً في مالها، أو طامعاً في خدمتها له، أو بسبب حجزها لابن عمها، أو بسبب عدم تكافؤ النسب، ووضع الشروط التعجيزية أمام الشاب، مما تسبب في عنوسة كثير من الفتيات. ويعتبر العضل من أخطر مظاهر سلب المرأة حقوقها، وانتهاك إنسانيتها. وللعضل صور متعدِّدة، مثل رفض زواجها من رجل لا يعاب عليه في دينه، أو خلقِه، وهو أخطر مظاهر انتهاك حقوق المرأة في عالمنا المعاصر. ومن أبرز القيود المفروضة على المرأة في التقاليد القبلية منع تزويج الفتاة من خارج قبيلتها، أو حجزها لقريب منذ الصغر، بالإضافة إلى عدم تزويج الأخت الصغرى في حال تقدم شخص لها قبل أختها الكبرى. رأي القانون هاشم كوشك قال ل«الشرق» المحامي هاشم كوشك: «أسباب العضل متعددة، وهناك من يتمسك بعادات قبلية لا صلة لها بالدين الحنيف، كتكافؤ النسب، أو الخشية من نظرة المجتمع القبلي للعاضل إذا ما أقدم الولي على تزويج ابنته لشاب من إحدى القبائل التي يكون على خلاف معها. وأضاف: هناك أسباب أخرى مادية، مثل رغبة العاضل في الاستحواذ على مال الفتاة من أموال إرثية، أو مكتسبة، كالأجر الشهري الذي تتقاضاه من عملها. وحول بقاء ذريعة ابن العم، ذكر كوشك: من خلال بعض القضايا المطروحة قضائياً أو إعلامياً، فإن عقدة ابن العم لا تزال موجودة، وإن كانت بنسبة أقل عما كانت عليه في السابق، وهنا يجب على كل ولي استذكار قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». وأضاف: القضايا من هذا النوع تقلصت كثيراً، فهي نادرة الآن نوعاً ما، بدليل بروزها إعلامياً. وذكر كوشك أن إحصائية وزارة العدل تؤكد تقلص مثل هذه القضايا. وعن عدد القضايا التي فصل فيها، ذكر أنها كثيرة، ونتائجها تدور ما بين إلزام الولي بتزويج الشاكين، أو عزله عن ولايتها إن كان غير الأب، أو قيام القاضي بالولاية باعتبار أنه ولي من لا ولي له، ويقوم بإبرام العقد مع مَن يراه صالحاً للقيام بالأعباء الزوجية ومسؤوليتها. وأوضح أن العاضل في الغالب يكون الأب، للجهل بأمور الدين، والبعد عن التعليم. وأكد كوشك أن كثيراً من الولاة يعتبر شكوى الفتاة، أو رفع قضية ضد وليها تمردا عليه، ومحاولة لفضح شؤون الأسرة، وهذا غير صحيح، فالمرأة مكون رئيسي للأسرة، وهي نصف المجتمع، ولها حقوق كاملة غير منقوصة، وعليها واجبات، وهي أيضاً كتلة مشاعر وأحاسيس رقيقة ينبغي العناية بها كزهرة في حديقة. وأضاف: أمام ذلك يلجأ الولي، أو العاضل، إلى ادعاء عقوق الابنة. وأوضح: هنا تأتي فراسة القاضي لكشف حقيقة الادعاء المضاد، وأسبابه ومن ثم إنصاف الشاكية من الظلم الواقع عليها. وحول تأثير الحملات الحقوقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ذكر أنه محدود جدا، لأن الأب العاضل في غالب الأحوال يكون جاهلاً لا يقرأ ولا يكتب، فكيف ستصل له الرسالة؟ ثم إن نسبة عالية من قضايا العضل موجودة في القرى والهجر، ولم تُحرك قضائياً، ولم تُبرز إعلامياً، والعدل يجب أن ينصف الناس أينما كانوا. وأوضح أن تلك الحملات ساهمت في تعريف الفتيات المعضولات بحقوقهن. العلوم النفسية د. وليد الزهراني وحذر الاختصاصي في العلاج النفسي والسلوكي في مركز مطمئنة للتدريب والاستشارات، الدكتور وليد الزهراني، من انتشار ظاهرة عضل أولياء الأمور لبناتهم، مطالباً الجهات المختصة بمحاولة إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة قبل أن تتفاقم أكثر. وأكد أن الأمر لم يعد مجرد حالات فردية بعد وصول العشرات منها إلى العيادات النفسية، وأنه قد ينعكس بشكل سلبي على المجتمع، ويسبب للفتيات الاكتئاب والقهر النفسي وعدم الأمان، ويدفع كثيراً من الفتيات المعضولات إلى الانحراف والانتحار. وأضاف الزهراني، أن العضل له تأثير مباشر على نفسية المعضولة من حيث شعورها بالظلم والقهر من قِبل الوالد، أو العاضل الذي منعها من الزواج من أجل راتبها، وهو ما يجعلها تعيش في دوامة من الاكتئاب النفسي، وإحباط وشعور بالنقص والفشل والتذمر والتأفف، وينتج عن كل ذلك مشكلات نفسية كبيرة ووخيمة، فضلاً عن الشعور بالقلق وعدم الأمان، والإحساس الدائم بالخوف وعدم الثقة بالأهل، مما يسبب مشكلات عدائية بين الفتاة وأهلها، إضافة إلى التسبب في مسألة العناد وعدم الانصياع للأوامر والخروج عن العادات والتقاليد. وتكون الفتاة سلبية دائماً. وأكد الزهراني، أن العضل قد يتسبب في عقوق الوالدين، ورفض طاعتهم، والعدوانية تجاههم، بل ويصل بالفتاة إلى الهرب من المنزل، وفي بعض الأحيان مثل هذا العضل قد يجعل الفتاة تسلك مسالك خاطئة، ويدخلها في عالم الغزل والمكالمات الهاتفية، وغيرها من المسالك الخاطئة، لحرمانها من حق من حقوقها. واستدرك الدكتور الزهراني: «إلا أن كثيراً من الفتيات اللواتي يأتين إلى العيادة بسبب العضل، قد وصل بهن الأمر إلى التفكير بالانتحار، إضافة إلى بعض الحالات التي وصلت إلى الاكتئاب الشديد، أو انفصام الشخصية». وأضاف: «أنصح العاضل بمخافة الله سبحانه وتعالى، وتطبيق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فلماذا تمنع الفتاة من حقٍ شرّعه لها الله ورسوله. إن للمرأة احتياجات لا تجدها إلا بالزواج، كالحب والمودة والإنجاب، وهذه المشاعر لن تجدها المعضولة عند أبيها، أو أخيها، وإنما عند زوجها. فما ذنب ابنتك أيها العاضل لتحرمها من حقها وسعادتها من أجل راتبها، أو خدمتها، أو حجرها لابن عمها؟ واقترح الزهراني، إيجاد «مراكز» للأحياء السكنية، يكون فيها اختصاصيون ومشرفون اجتماعيون ونفسيون، يدخلون مثل هذه البيوت، ويرون مشكلات أصحابها، ويعملون على حلها. وعن طريق تدخل كبار العائلة من المشهود لهم بمخافة الله والتوجيه والحكمة. وشدد على وجوب توضيح أن ثقافة العاضل مغلوطة، وأن الجيل الذي فرض مثل هذه الثقافات والعادات جيل متسلط تربى على ثقافات فكرية خاطئة. العضل.. لغةً وشرعاً المحامي خالد أبو راشد وأوضح المحامي خالد أبو راشد، أن العضل للرجال، وليس للنساء، لأن المرأة من تعضل الرجل، وليس هو من يعضلها، ونعرّفه بوجود ولي أمرٍ لدى المرأة لم يقم بالأمانة بالشكل الصحيح. ومن هنا، تضطر المرأة إلى العضل، وتطلب تغيير الولاية من وليها إلى ولي أمر آخر. وبيّن أن المسؤول هنا هو ولي الأمر، وهو المتسبب في العضل، أما إذا كان ولي أمر الفتاة صالحاً، وقام بولاية الأمر بالشكل المطلوب، فعندها لن تطالب المرأة بعضله، ونقل الولاية منه إلى شخص آخر. والغالب أن السبب هو الأب إذا كان غير صالح، ويحرم المرأة من الزواج بصفة عامة، وليس من شخص معين، طمعاً، أو إضراراً، وإذا كان يسيء إلى ابنته، أو أخته إساءة بالغة. هنا تكون من أولياء الأمور أنفسهم في الغالب، والسبب ضعف الوازع الديني، ويمكن للفتاة أن تقيم دعوى عضل على الولي، وإذا ما ثبت للقاضي صحة دعوى المرأة تنقل الولاية من الولي إلى الذي يليه، والأصلح. وأكد أن قضية العضل تتحول أحيانا إلى عقوقٍ للوالدين، فالفتاة توضح أسبابها للقاضي، ويتبين أنها مظلومة، وفي هذه الحالة ينصفها القاضي، وينقل الولاية، ولكن أحياناً يكون الأب صالحاً، والمرأة تطلب طلبات غير شرعية، مثل: والدي يجبرني على لبس العباءة، ولا يدعني أذهب، ولا أسهر، وهذه أمور صحيحة وشرعية، ومن هنا يتبين أن ولي الأمر لم يضر بها، والمشكلة في الفتاة نفسها، وبهذا يكون العقوق عليها. علم الاجتماع وأوضح الاختصاصي الاجتماعي، ومدير وحدة الحماية الاجتماعية في حائل، فهد العتيبي، أن السبب الرئيس وراء العضل «جشع بعض الآباء. وكثير من قضايا عضل الأولياء سببها الراتب، فبعض الآباء يتزوج ويملأ البيت نساءً وأطفالا، ويرفض تزويج ابنته لكي تتكفل بمصروف إخوتها، وتحمل مسؤوليتهم، وتسديد ديونه، وأيضاً هناك أمهات يرفضن تزويج بناتهن من أجل الإنفاق على بقية الإخوة، والقيام بأعمال المنزل وخدمتهن، وهذا فيه ظلم للفتاة. يجب أن تكون هناك توعية للمجتمع بأخطار العضل، وأن الفتاة من حقها أن تتزوج. وفي قضايا العضل تتحول ولاية الفتاة إلى القاضي، فيكون هو وليها، ويزوجها لمن يراه مناسبا لها». العضل.. حالات تقول «مهاء» من حائل ل»الشرق»: تقدم لخطبتي قبل أربع سنوات، زميل أخي، الذي يشهد له بالأخلاق وحسن التربية، إلا أن أهلي رفضوه بحجة أنه ليس من عائلتنا. حاولت أن أقنعهم أن السعادة الزوجية لا تنحصر في الزواج من ابن العائلة، خاصة أنه لم يتقدم لخطبتي مَن هو أنسب منه، ولكنهم أصروا على الرفض، وهو لم ييأس، وما زال يخطبني، وأهلي يتمسكون برأيهم، والآن بلغت من العمر 29 عاما. وتحدثت لطيفة، كونها وأخواتها من ضحايا العضل، فقالت: «أصبحنا على مشارف الأربعين، وتجرعنا مرارة العنوسة والحرمان من الأمومة، بسبب طمع والدنا وجشعه، فقد حرمنا من أبسط حقوقنا – الزواج والأطفال – من أجل بعض المال الذي يستحوذ عليه من رواتبنا، كوننا معلمات، حتى تمنينا لو أننا لم نتعلم، ولم نصبح معلمات. وتقول وداد: حرمت من الزواج في انتظار ابن عمي الذي تخلى عني بعد أن مضى العمر، فانضممت إلى ركب العوانس حينما أعلن عدم رغبته في الزواج مني. وتضيف: لم ألمه حين تخلى عني، بل ألوم والدي الذي ترك حياتي ومستقبلي في مهب المجهول. وذكرت منيرة، أن عمرها تجاوز 33 سنة، وما زال والدها يرفض الخاطبين «والدي يرفض تزويجي بسبب راتبي. تقدم لي ولأخواتي كثيرٌ من الخاطبين، ولكنه يرفض بحجة أنهم غير مناسبين لنا، وفي كل مرة يختلق عذرا ليرفضهم، ونحن لم نعد صغيرات، فأختي الكبرى عمرها 35 سنة، ولم تتزوج، ومع أننا حاولنا أن نتكلم مع والدي، وتدخل رجال دين في نصحه، إلا أنه كان وما زال يرد أن الرجل المناسب لم يأتِ بعد، والحقيقة أنه يرفض تزويجنا بسبب رواتبنا، ويريد أن نسدد الديون التي وضعها على ظهورنا، ويخاف إنْ تزوجنا أن نحرمه من الراتب. وتؤكد مشاعل، أن عضلها لم يكن بسبب المادة: «تجاوزت مرحلة الثلاثين ولم أتزوج، علماً أنه تقدم لي أكثر من شخص، ولكن أهلي يرفضون تزويجي بسبب عدم زواج أختي الكبرى، التي وصل عمرها الأربعين وترفض الزواج دون سبب، ولكنهم ربطوا مصيري بها. أوضحت لهم أنني أريد الزواج لأنني بعد فترةٍ لن أجد من يطرق الباب طالبا الزواج مني، ولكنهم رفضوا وقالوا إنه ليس من عاداتهم أن تتزوج البنت الصغرى قبل الكبرى.