انتهى الموسم الرمضاني الأخير، الذي عُرضت فيه مسلسلات كثيرة. ونسلط الضوء في هذا التقرير على أعمالنا السعودية، خصوصاً التي عرضت في الفترة الذهبية على شاشة القناة الأولى في التليفزيون السعودي، وهي مسلسلات «سكتم بكتم 3» للفنان فايز المالكي، و»كلام الناس» للفنان حسن عسيري، و»شباب البومب» للفنان فيصل العيسى. ومن الطبيعي أن ينقسم المتابعون بين مؤيد ومشجع لها، بل نجد من يرى أن جميع تلك الأعمال لم ترتقِ للمستوى المأمول والمنتظر، ولاسيما في ظل غياب المسلسل الشهير «طاش ما طاش». تراجع الدراما أوضح الإعلامي يحيى زريقان أن المشاهدين كانوا ينتظرون قفزة نوعية مقارنة مع ما قدمه التليفزيون السعودي في العام الماضي «كنا نأمل، مشاهدين ونقاداً وجمهوراً وصناعاً للأعمال الدرامية، أن تحدث نقلة نوعية على مستوى الطرح والنصوص، وأداء الممثلين، إلا أن الأعمال التي خلال الموسم الرمضاني لم تحقق القفزة المنتظرة. والأعمال التي عرضت في الفترة الذهبية لم ترقَ لتطلعات المشاهدين، ولاسيما أن العام الماضي كان أفضل بمراحل عدة». وأضاف: ما شاهدناه من خلال «سكتم بكتم 3»، و»كلام الناس»، و»شباب البومب» هو تراجع للدراما، ويكرس النظرة السلبية الموجودة في السابق في ظل الفارق الكبير بالمستوى المعيشي والتطور الكبير الذي يعيشه المجتمع اليوم. وأعاد زريقان أسباب تراجع الأعمال للبيئة الفنية نفسها «من الأمور التي تسببت في تراجع الأعمال الدرامية البيئة الفنية، لأنها لم تكن إيجابية، بالإضافة إلى عدم وجود من يدرك ضرورة تقديم أعمال تتماشى مع الوعي الذي يمتلكه الجمهور الآن، ولعدم وجود أرضية حقيقية لإنتاج وتقديم أعمال تستحق المشاهدة، وكان يُفترض على القائمين على تقييم الأعمال وإجازتها أن يوجهوا المنتجين لمراعاة تقديم أعمال تتطرق لما يدور ويجول في أذهان الجمهور اليوم. وعن مواصفات الأعمال التي عرضت، قال زريقان: مواصفات الأعمال التي شاهدناها متواضعة من ناحية التصوير والمعالجة الدرامية، كما أن أداء «الكركترات» متواضع جداً أمام الكاميرا، واليوم أصبحت مهنة التمثيل أكثر دقة وحرفية، وأكثر تأثيراً، ويجب على الممثل أن يكون منسجماً مع الدور، ويعيشه أولاً قبل أدائه، وبعد ذلك يقدم أداء يعكس فكرة النص الأصلية. لكن مع الأسف فإن ما نشاهده مجرد أداء للأداء فقط. وأكد زريقان أن المنتج السعودي أصبح يبحث في المقام الأول عن الربح المادي، مشيراً إلى أنه من المفترض عند القيام بإنتاج عمل سنوي أن يمتلك الحد الأدنى من القبول لدى الناس، مطالباً المنتجين بتقديم أعمال تحاكي واقع المجتمع السعودي الذي وصل إليه الآن من تطور، موضحاً أن الأعمال الحالية لا تعكس ولا تحاكي التطور الذي وصل إليه المجتمع من تقدم، وأسلوب في التفكير، مشيراً إلى أن ما عرض سابقاً هي أعمال درامية متواضعة أشبه بالخطابات المدرسية، مبيناً أن المجتمع لديه قضايا وهموم، وليس من اللائق أن يشاهدنا الناس على أننا مرفهون، ولا نعاني من شيء. وحول الكوميديا، قال: بكل شفافية، الجمهور لم يجد الكوميديا التي ينتظرها في تلك الأعمال، وأفكار «طاش ما طاش» توزعت بعد غيابه على تلك الأعمال، ولا ننسى أن «طاش» عمل فيه جهد كبير وحرفية، وأداء تمثيلي متقن، والقدرة الإخراجية في ترجمة المشهد للغة بصرية على الشاشة جعلته يملك الفارق الكبير عما شاهدناه هناك، وما عرض الآن، ولا شك أن «سكتم بكتم 3» من حيث الفكرة جيد، ولكن كتابته وحبكته ومعالجته الدارمية جاءت ضعيفة، وكان بإمكانهم من خلال التركيز تقديم أفضل مما قدموا في هذا الجزء، خاصة في حال شكّلوا ورشة عمل للكتابة، وتوزيع المشاهد، واختيار العناصر المناسبة تماماً للعمل، أما مسلسل «كلام الناس» فكان ضعيفاً جداً. وأشار إلى أن مسألة تقديم كوميديا سوداء بلا تأثير حسي وذهني ونفسي وفكري، وتقديمها لمجرد الكوميديا فقط، يعد خطأً كبيراً «مع الأسف، هنالك أخطاء في الأعمال المقدمة، ولكن «مَن يقيّم مَن؟!»، فهل الشخص الذي أجاز العمل مكتوباً، أو مصوراً، يدرك مواصفات ومقومات العمل الجيد أم لا؟». أزمة النَّص من جانبه، أوضح الإعلامي حسن الطالعي أن الفترة الذهبية في التليفزيون السعودي تعد لدى المشاهد السعودي الأكثر متابعة خلال شهر رمضان، وطوال سنوات ماضية لم تحظَ بتأييد كامل، أو رفض كامل، من قبل المشاهدين، وهذا الأمر ينطبق على أعمال الفترة الذهبية لهذا العام. وقال الطالعي: من وجهة نظري الخاصة، عمل «كلام الناس» كسب الجولة لهذا العام، وبنجاح كبير، بخلاف العام الماضي، الذي كان السبق فيه ل «سكتم بكتم»، أما فيما يتعلق ب «شباب البومب»، فهو عمل جاء كجهود شبابية تطمح للمنافسة بشكل يتوافق مع عصر الشباب واهتماماتهم، ومع الوقت سيكتسبون خبرة أكثر تجعل منهم نجوماً رمضانيين في حال اتبعوا خطاً خاصاً بهم، بعيداً عن التقليد. وأضاف الطالعي: الكوميديا السعودية لها حضور، وأعتقد أنها تحتاج لكثير حتى تنافس آخرين في المنطقة، فهي مازالت ضعيفة على مستوى «النص»، رغم ما يُصرف عليها من مبالغ إنتاجية. واستطرد: في اعتقادي أن أبرز سلبية للأعمال هي عدم «حرصها» على تقديم وجوه شابة جديدة مؤهلة، ونلاحظ أن الوجوه هي نفسها كل عام، وهذا يخلق نوعاً من «الملل» لدى المشاهد. وعودة لنقطة «النَصْ»، فالنص يُفصل تفصيلاً كاملاً على وجوه وأسماء محددة، وبالتالي يبقى يدور في دائرة النجم الواحد، أما الإيجابيات فهي لا تتعدى جيب المنتج فقط. واختتم الطالعي حديثه قائلاً: مع الأسف، مازال المشاهد السعودي مُحاصراً في ذاكرته ب «طاش ما طاش»، ولذلك نجد مبدأ المقارنة حاضراً مع أن أي عمل جديد، وبقوة، نظراً لاستمراريته لسنوات طويلة جداً، وهذه الأعمال مازالت تتلبس ثوب «طاش»، رغم محاولات التجديد والخروج من جلباب عبدالله وناصر. البطل الواحد أما الكاتب بسام فتيني، فيقول: خلال الفترة الذهبية على شاشة التليفزيون السعودي أعجبت بمسلسل «كلام الناس»، خصوصاً أنه جدد في البطولة الثنائية، وأصبحنا بين إبداع حسن عسيري الذي تفوق على نفسه كممثل، ويعد على صعيد الإنتاج «الصياد البارع»، وإبداع مخرج العمل عمر الديني، بالإضافة إلى كونه ناقش وتناول موضوعات ذات حساسية. وأضاف: لا يروقني على الإطلاق عمل البطل الواحد، وهذا لا يعني أن لدي شكاً في إبداعات الفنان فايز المالكي من خلال مسلسله «سكتم بكتم»، ولكن العمل الجماعي تفوق وأثبت جدواه، أما المالكي فيبدو أنه يستهلك نفسه كثيراً في «سكتم بكتم»، أما على صعيد الإنتاج فهو الذي يستطيع إنتاج أعماله التي يكون بها بطلاً مطلقاً، وانفصاله عن حسن عسيري يؤكد هذه النظرية الشخصية.