قد يتعجب القارئ لو قلت له إن أثاث بيتي كله من شركة إيكيا السويدية، التي بلغت فروعها في العالم ما بلغ الليل والنهار، من مونتريال في كندا، إلى هانوفر في ألمانيا، إلى الرياضوجدة في المملكة. ولكن، لماذا قوة انتشار مثل هذه الشركة، وتمددها، وشدة إقبال الناس عليها والتزود ببضائعها بمجرد التعرف عليها؟ مع أن صنعة الأثاث يدعيها الكثير؟والجواب في سر خاص توصلت له الشركة، أن الأثاث يمكن فكه وحمله حيث أراد صاحبه، وهو ما حصل معي في ست نقلات في ألمانيا بين سيلب وأولدنبورج وفولفسبورج وفيلهلمسهافن وجيلزنكيرشن بور وباينه، وست في المملكة بين الدمام والقطيف والنماص وخميس مشيط وأبها وبريدة والرياض، ولا أدري عن نهاية الرحلة، ولكن ربنا يقول «فمستقر ومستودع»، فأين مقري ومستودعي؟ كل مرة كنت أفك أثاث بيتي، وأحمله مطبقاً بين الكتب ورفوف الكتب. لقد تجاوزتْ خزائن كتبي من شركة إيكيا العشرين؛ فلم تتقوّس، ولم تخرب أو تتكسر فتلقى حطباً للنار. مازالت صامدة تروي قصص آلاف الكتب في أحشائها مع كل نقلة.كلامي هذا ليس دعاية لهذه الشركة؛ فهي غنية عن تعريفي ودعايتي. كان أول تعرفي بها على هذه الشركة صدفة، وأنا أعود من رحلة في جنوبألمانيا إلى شمالها، حيث كنت أعمل في مدينة كانت ميناء بحرياً أيام القيصرية وهتلر السابقة من الحرب الكونية، اسمها ميناء القيصر غليوم (فيلهلم هافن). كنت أعمل في مشفى عملاق للتخصص الطبي أذكر اسمه جيداً (راينهارد نيتر) وأحلم بالمرور عليه فيما بقي لي من عمر؛ حتى أعرف أين صارت أموره وصار رسمه؟ وهكذا تعرفت على شركة إيكيا في ألمانيا، فتعجبت من جودة البضاعة ورخصها، وحين رسا بي عصا الترحال في شرق المملكة، قمت بصفقة رائعة من هذه الشركة، فاشتريت المارك الألماني بريال وثماني هللات، وزودت بيتي شحناً من ألمانيا بكل ما أحتاج بأقل من 12 ألف ريال، ومازال معظمه عندي، وبعضه أهديت لمن أحب، ولكن أجمل ما بقي غرفة طعام بطاولة من خشب السنديان الفاخر السميك القوي؛ فهو يزداد جمالاً ورونقاً كل يوم، وأتمنى أن أستقر أخيراً في بيتي في الجولان، فأحمل هذا الأثاث، الذي له في قلبي الذكرى الجميلة من أيام جميلات حافلات. هذا إذا انتصرت الثورة وتحررت سورية من الرجس البعثي.