حين حضرت للمملكة عام 1982 تعجبت من عدم وجود شركة إيكيا للأثاث، وقلت في نفسي لو كنت مالكاً لمال كافٍ لقمت بالتفاوض مع الشركة وفتح فرع لها. وفعلاً فقد افتتحت أول فرع لها في جدة ثم في الرياض على نحو أصغر، أظنه كان في شارع الملك عبدالله في الاتجاه الغربي من طريق الملك فهد، ثم افتتحت لها فرعاً عملاقاً على الدائري الشرقي في الرياض. تتميز هذه الشركة بعَلَم مميز، وطريقة بناء مكررة في كل العالم؛ فلو كنت في السويد أو ألمانيا أو كندا لظننت أنك لم تغير مكانك في الجغرافيا، دورة كاملة بطريق متعرج يأخذك على الأقسام، من غرف نوم وكنبات ومطابخ وطاولات وخزائن كتب وأنوار وسجاد وأدوات مطبخية ما تعرف وما تجهل. لينتهي بمطعم فيه أصناف شتى من الطعام ومنها الوجبة السويدية. وفي النهاية تمر على ممرات لحمل أغراضك بنفسك. إنها متعة التسوق كما يقولون. في كل مرة هناك اكتشاف لشيء جديد نافع وبهيج، يشتغل ويصمد ويستحق ثمنه، وإن كنت أتمنى على الشركة أن تحافظ على المستوى؛ فقد لاحظت خلال ربع قرن تردي المستوى وارتفاع الأسعار. ولعل القارئ يسأل من هو هذا العبقري الذي شق الطريق إلى هذا النجاح؟ إنه رجل بسيط تحول إلى ملياردير هو (إنجفار كامبراد) وينقل عنه قوله إن معرفة كيفية توفير المال ليست فقط لزبائنه بل هي قيمة شخصية عالية، وثمة حكمة تروى عنه أن الناس الذين يشترون من إيكيا لا يقودون السيارات الفارهة أو يقيمون في الفنادق الفاخرة، وهذا ينطبق على مؤسسها كذلك، فهو يسافر على الدرجة السياحية عند ذهابه لرحلة عمل، وإذا أراد شيئاً من المدينة فيأخذ الحافلة أو يقود سيارته من طراز «فولفو 240 جي إل» التي يبلغ عمرها 15 عاماً. الآباء يكدحون ويبنون، والأبناء يتمتعون، والأحفاد يبذرون ويدمرون. وتعود الدورة من جديد. أليس كذلك؟