تبدو نوايا الرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاه رئيس وزرائه سلام فياض المسألة الأكثر غموضاً في الشارع الفلسطيني حالياً، وبخاصة بعد خطاب عباس الأخير الذي تحدث فيه طويلاً عن الأزمة المالية دون أن يبشِّر آلاف المحتجين على سياسة فياض المالية بقرب نهاية ولايته. ومع استمرار عباس في اللعب مع فياض على أوتار الأزمة المالية بشكل يقدم له الدعم في العلن وتؤلب عليه الشارع في الضفة الغربية في السر، يبدو اتخاذ عباس لقرار حاسم تجاه فياض أبعد من أي وقت آخر، وهو ما كشفته مصادر رفيعة المستوى داخل القيادة الفلسطينية ل«الشرق». «حتى لو أقال الرئيس فياض ستبقى الأزمة قائمة»، بهذه الكلمات وصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبويوسف، الأزمة التي يعيشها عباس، «فإن كان وجود فياض يعني أزمة فإن خروجه لا يعني حلها، بل ربما تعقيدها بشكل غير مسبوق، وهو ما قد يجعل قرار إقالة فياض إلى لعنة تطارد من اتخذه»، حسب قوله. ونفى واصل، في حديثه ل»الشرق»، كل الأنباء التي تحدثت عن إجراء عباس مشاورات لتعيين بديل لفياض، قائلاً «لم يدُر في الوسط القيادي هذا الحديث، بل على العكس تحدث الرئيس في اجتماع اللجنة المركزية بثقة عن أن الحكومة والسلطة والرئاسة شيء واحد»، مستشهداً بعدم تطرق خطاب عباس الأخير إلى هذا الموضوع. بدوره، يتفق وزير الثقافة الفلسطيني السابق الدكتور إبراهيم إبراش، مع «واصل» على صعوبة إقالة فياض رغم الضجة المثارة في الضفة حول سياساته المالية، ويرى إبراش، في حديثه ل»الشرق»، أن المشكلة الحالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية سياسية بامتياز وليست مالية. ويضيف الوزير السابق «فياض مدعوم من عديد من الجهات الدولية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة، لكن ما كان له أن يبقى لولا الدعم الذي تلقاه من رئيس السلطة الفلسطينية طوال السنوات الماضية، ما مكَّنه من تكوين أنصار له، مستفيداً من التدهور المستمر في شعبية مختلف الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة فتح». ويرى إبراش أن هذا الحال يقلص الخيارات التي باتت أمام عباس، فليس أمامه إلا العودة للشعب إن لم يكن من خلال الانتخابات والمصالحة بسبب رفض حماس، فبعودة الحال إلى ما قبل اتفاقيات أوسلو، وفتح باب المواجهة المباشرة مع الاحتلال، وجميعها خيارات شبه مستحيلة نظراً للأفكار التي يتبناها هو ضد فكر المقاومة. وتشهد الضفة الغربية موجة احتجاجات ضد غلاء المعيشة ومظاهرات شبه يومية في المدن الرئيسة يرفع فيها المحتجون شعارات تطالب فياض بالرحيل وأخرى تطالب بإلغاء اتفاقية باريس التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل عام 1994 وتحدد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الضفة احتجاجات واسعة منذ تشكيل فياض أول حكومة له عام 2007.