تعد ظاهرة الاتجار بالبشر من أخطر الظواهر التي تحتاج من المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود لمحاربتها، فقد أصبحت مشكلة عالمية تؤرق كاهل الدول، فهي ليست محصورة في دولة معينة، بل معظم دول العالم تعاني من آفة العبودية الجديدة بسبب شبكات ومافيا تدير عمليات واسعة للاتجار بالبشر، فهي تجارة تدرّ على عصابات الجريمة المنظمة أرباحاً تقدر بمليارات الدولارات، إنها ثالث تجارة غير شرعية في العالم بعد المخدرات وتجارة السلاح، ومازالت تنمو وتزدهر. إن القانون الدولي يجرّم الاتجار بالبشر بأشكاله كافة، فقد سنّت القوانين والعقوبات في الكثير من الدول لمكافحة هذه الظاهرة، ومنها السعودية التي أصدرت نظام مكافحة المتاجرة بالبشر، الذي يحظر الاتجار بأي شخص وبأي شكل من الأشكال بما في ذلك إكراهه، أو تهديده، أو الاحتيال عليه، أو خداعه، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، وغيرها من الممارسات الشبيهة بالرق والاستعباد، ولكن تبقى تلك القوانين عاجزة أمام تلك الآفة التي تُعدّ وصمة عار في جبين الإنسانية، فالواقع المرير يؤكد أن الاتجار بالبشر مازال يمارَس لدينا بطرق أخرى، حيث يتم التحايل على القوانين بصور أقل ما يقال عنها أنها بشعة، ومن هذه الصور المتاجرة بالخادمات، فمع اقتراب شهر رمضان الكريم تنتشر في المواقع والمنتديات إعلانات بيع أو تأجير الخادمات بالساعة واليوم بمبالغ خيالية، وهذه الممارسات تعدّ من ضمن أنشطة الاتجار بالبشر لما فيها من امتهان لكرامة الإنسان. لقد سمعنا عن لجنة مكافحة الاتجار بالبشر التابعة لهيئة حقوق الإنسان، ولكننا كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحناً.