دعت هيئة حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى حشد القوى لمكافحة الاتجار بالبشر، فيما طالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالتأكد من أن الجهات ذات العلاقة تقوم بدورها في تنفيذ السعودية لالتزاماتها في هذا المجال، كما شددت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية على أهمية رفع مستوى وعي العاملين والمسؤولين عن تنفيذ نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص. وأكد رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية الدكتور بندر العيبان خلال ندوة نظمتها «الهيئة» بالتعاون مع معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية بعنوان «نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص» في الرياض أمس، أن خادم الحرمين الشريفين يولي حقوق الإنسان أهمية كبرى في خطط الدولة وبرامجها التنموية التي جعلت أساس محورها الإنسان والرفع من مستوى معيشته وتأمين حقوقه. وأضاف أن المجتمع الدولي يواجه تحديات على رأسها جريمة الاتجار بالأشخاص، إذ إن إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة تؤكد المتاجرة بنحو 800 ألف شخص سنوياً عبر الحدود في مختلف أنحاء العالم، بعائدات تتجاوز 37 بليون دولار سنوياً. وأكد أن «النظام» حظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي أو العمل أو الخدمة قسراً، أو التسول، أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء أو إجراء تجارب طبية عليه. وقال العيبان: «الطريق أمام المجتمع الدولي لا يزال طويلاً في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالأشخاص، وما نعرفه عن الحجم الحقيقي لهذه الجريمة وما ينتج منها من انتهاكات لحقوق المجتمعات الإنسانية يمثل قمة جبل الثلج، وما خفي كان أعظم، ولذا فإن علينا جميعا - دولاً ومجتمعات - أن نحشد كل القوى للوقوف أمام هذه الممارسات غير الإنسانية التي تخالف الشرائع السماوية والقيم الأخلاقية في كل مكان». من جهته، أكد وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف السفير الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، أن السعودية أصدرت عدداً من الأنظمة التي تهدف لاستكمال البنية التشريعية والتنظيمية لضمان تعزيز حماية حقوق الإنسان، ومن ذلك ما يتعلق بتحقيق المساواة ومكافحة أي مظهر من مظاهر التفرقة أو التمييز والقضاء عليه عند وجوده وبما يتفق مع المبادئ والأسس التي تقوم عليها سياسة المملكة أولاً وروح العصر ومتطلباته ثانياً، مشيراً إلى أن أبرز هذه الأنظمة هو النظام الأساسي للحكم الذي اشتمل على مجموعة من الأحكام الدستورية التي تضمن حماية واحترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين. وأوضح أن السعودية سنَّت أنظمة وتدابير رادعة من شأنها مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا سواء كانوا مواطنين أو مقيمين من أبرزها صدور نظام شامل لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص عام 1430ه الذي يتضمن مواد تحظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه، وحظر أنشطة العمل أو الخدمة قسراً باعتبار ذلك شكلاً من أشكال الاتجار في البشر يعاقب عليها النظام بعقوبات رادعة تصل إلى السجن 15 عاماً. ولفت إلى أن هذا النظام كان شاملاً للتعاطي مع جميع أشكال وصور الاتجار بالبشر ومعاقبة مخالفيه، مذكّراً بالقرار الذي صدر عام 1425ه الذي يحظر أشكال المتاجرة بالأشخاص كبيع التأشيرات والحصول على مقابل لتشغيل العامل والاستخدام اللا إنساني والمعاملة غير الإنسانية وغير الأخلاقية وكذلك تشغيل الأطفال واستغلالهم والاستقدام بهدف التسول ومعاقبة مرتكب أي من هذه المخالفات. وأكد وكيل كلية الدراسات العليا في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية اللواء سعد الشهراني في ورقة عمل بعنوان: «نشر ثقافة حقوق الإنسان وحمايتها في المملكة: نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص»، أن أسباب جريمة الاتجار بالبشر كثيرة، منها أنها تدر دخلاً يفوق كثيراً من الأنشطة المشروعة وغير المشروعة، لافتاً إلى أنها تأخذ في عصرنا أشكالاً عدة. وأضاف أن الجامعة تدرّس 18 مقرراً علمياً منها مقررات مخصصة كلياً لحقوق الإنسان على مستوى الماجستير والدكتوراه. وأكد أهمية رفع مستوى وعي العاملين والمسؤولين عن تنفيذ النظام بموضوعات حقوق الإنسان، والبحث والتحري والاكتشاف والوقاية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، والبحث عن ضحايا الاتجار بالبشر والتعرف عليهم ومساعدتهم، منوهاً بدور المؤسسات الأهلية والاجتماعية والتربوية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة الاتجار بالبشر. وطالب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني في ورقة بعنوان: «دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الاتجار بالبشر... الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة أنموذجاً»، الجهات الحكومية والأهلية بالتأكد من أن الجهات ذات العلاقة تقوم بدورها في تنفيذ المملكة التزاماتها في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، خصوصاً بعد صدور نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص. وتابع: «نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص السعودي، جيد إن أحسن تطبيقه، وفي حال ظهور أي إشكالية في التطبيق أو الممارسة، فإن الجمعية ستعمل لضمان حسن التطبيق من الجهات المتخصصة بصورة توفر الحماية اللازمة لأي شخص يتعرض لأي صورة من صور الاتجار بالأشخاص». وأوضح أن الجمعية تعمل على حصر بعض الإشكالات التي تحدث بين أرباب العمل والعمال أو في نطاق الأسرة، والتي يمكن تكييفها أو اعتبارها من قبيل صور الاتجار بالبشر في ظل نظام الاتجار بالأشخاص السعودي، على رغم أنها لا تعتبر في الثقافة المجتمعية من قبيل ذلك، لافتاً إلى أن الجمعية عندما ترصد مثل هذه القضايا فإنها تتخذ الإجراءات اللازمة لرفع الضرر عن مقدم الشكوى أو المتظلم وإزالة أثر التعدي، وضمان معاقبة الفاعل.