عادت تعز (جنوب صنعاء) إلى واجهة الأحداث في اليمن بعد تصعيد خطير شهدته خلال اليومين الماضيين ينذر بعودة المحافظة الأكثر كثافة سكانية في البلاد إلى دائرة الحرب والفوضى بين القوى المتصارعة على النفوذ. ورغم أن الرئيس عبدربه منصور هادي اختار محافظاً لتعز من بيوت المال الكبيرة في اليمن، وهو ما قوبل حينها بترحيبٍ من مختلف القوى السياسية والاجتماعية، إلا أن المحافظ شوقي أحمد هائل سعيد يواجه ثورة جديدة يقودها الإخوان المسلمون بسبب إيقافه مدير الأمن في المحافظة والمحسوب على حزب الإصلاح الذراع السياسية للإخوان. وأوقف المحافظ مدير الأمن، وهو ضابط مخابرات محسوب على تيار الإخوان، بعد رفضه اقتحام السجن المركزي وإحباط محاولة فرار كان يخطط لها 1200 من نزلاء السجن بعد أن تم إدخال أسلحة ومتفجرات إلى داخله بتواطؤ من قادة أمنيين في المحافظة. وقال المحافظ، في بيانٍ صحفي، إن تعز كانت ستتحول إلى ساحة حرب إذا نجحت عملية فرار السجناء الذين كان في حوزتهم أسلحة ومتفجرات وهم أصحاب سوابق، وبيَّن أن مدير الأمن رفض بدون أي عذر القيام بمهامه، وأضاف أن المحافظة تحتاج إلى مدير أمن قوي وشجاع كونها خرجت من أتون حرب مدمرة لا أحد يريد العودة إليها. بدوره، عَمِدَ حزب الإصلاح إلى التصعيد من خلال تسيير تظاهرات في المحافظة وقطع الطرقات، حيث قطع العسكريون المنقطعون عن العمل أمس الأحد شوارع المحافظة مطالبين بمستحقاتهم المالية التي توقفت مع انضمامهم للثورة. وتجاهل العسكريون توجيهات رئاسية صدرت ليل السبت بصرف مستحقاتهم واستيعاب الضباط والجنود في اللواء 117، حيث أصروا على صرف مستحقاتهم دون العودة إلى العمل في الوحدات العسكرية. من جانبه، رفض الرئيس هادي شكوى تقدمت بها قيادات في حزب الإصلاح اتهمت فيها المحافظ الجديد بمحاباة المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق علي عبدلله صالح، الأمر الذي نفاه المحافظ مشددا على وقوفه على مسافة واحدة من جميع الأطراف ومتهماً جهات وتكتلات بالسعي إلى تأزيم الأوضاع في المحافظة. وحاولت “الشرق” التواصل مع قادة حزب الإصلاح في محافظة تعز غير أنهم رفضوا جميعاً الإدلاء بأي تصريحات حول ما يجري، وقالوا إنه لا صلة لهم بأعمال الفوضى التي تشهدها المحافظة. ويملك حزب الإصلاح نحو ثلاثين ألف مسلح كانوا العام الماضي يخوضون حربا مفتوحة مع قوات الجيش اليمني قبل أن يسلم صالح السلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادي. في المقابل، اعتبر القيادي في المؤتمر الشعبي العام وعضو الأمانة العامة للحزب، محمد أنعم، أن “الإصلاح يتعامل دوما برؤية انتهازية؛ فحين تكون القرارات لصالحه يطبل ويزمر ويساندها، وحين تمس أحد قياداته الفاسدة يرفع صوته بالويل والثبور”. وأضاف أنعم ل “الشرق” أن قرار المحافظ بإقالة مدير الأمن صائب لأن الأخير قصَّر في مهامه وكاد يتسبب في هروب أكثر من ألف سجين مسلحين بكل أنواع الأسلحة، وأشار إلى أن سماح مدير الأمن بدخول الأسلحة إلى السجن يقتضي محاكمته وليس فقط توقيفه. وقال أنعم إن الإصلاح استشعر خطورة قرار محافظ تعز بمنع السلاح وملاحقة مسلحي الحزب في المحافظة فعَمِدَ إلى إثارة المشكلات ضد المحافظ الجديد الذي أجمع أبناء تعز على صواب اختياره كونه محايداً. وفي السياق ذاته، اتهمت أحزاب التحالف الوطني الديمقرطي، التي تضم 14 حزبا بينها حزب الرئيس صالح، أحزاب اللقاء المشترك بتنفيذ مخطط مشبوه يهدف إلى الدفع بتعز نحو الفوضى والعنف وإحداث شلل أمني لتنصيب محافظ جديد. وقالت أحزاب التحالف في بيانٍ لها إن أحداث اليومين الماضيين وما شهدته من استفزازٍ لقوات الأمن رغبةً في الصدام والمواجهة، تأكيد على أن اللقاء المشترك قرر الدفع بالمحافظة الى أتون نفق مظلم لإعاقة أية جهود لاستعادة الأمن. واتهمت أحزاب التحالف حميد الأحمر واللواء علي محسن والمجاميع المسلحة لحزب الإصلاح في محافظة تعز بالشروع في تنفيذ مشروعهم التخريبي التدميري لنشر الرعب وإقلاق السكينة العامة وقطع الشوارع والطرقات وتأزيم الحياة بشكل عام.