لم تجد الشقيقتان «كاذية» 55(عاما) و«مشغلة» (27عاما) وسيلة للتخاطب مع مَنْ حولهما سوى لغة الدموع، حيث تعانيان من إعاقة في السمع والنطق منذ ولادتهما، وحالت وعورة طرق السفر من قريتهما الشامية إلى جازان أو عسير دون علاجهما، حيث لم يذهبا للمستشفى سوى مرة واحدة، عندما ألزمهما بعض أقاربهما بأن يأخذا إعانات من التأهيل الشامل، ورغم ذلك إلا أن والدتهما السبعينية معنية الريثي مازال يحدوها الأمل والتفاؤل بتمكنهما من التحدث والسمع في يوم من الأيام. وعورة طريق تقول معنية الريثي:» ابنتاي تحاولان النطق ولكن لاتستطيعان، وأنا على يقين بأن هناك علاجا لهما، ولكن لظروفنا ووعورة طريقنا وعزلتنا عن العالم لم نتمكن من علاجهما ورضينا بقضاء الله وقدره.وأضافت «كاذية منذ ولادتها لم تذهب للمستشفى، لأننا لم نسمع بوجود مستشفيات سوى في جازان أو عسير، وذهابنا حينها كان يعني المجازفة بحياتنا لأنه ليست لدينا مو اصلات سوى السير على الأقدام، وقد رزقت بعدها بعدد من الأبناء لم يصبهم ما أصابها، حتى رزقت ب»مشغلة» التي يبلغ عمرها 27 عاما وهي تعاني نفس حالة شقيقتها». لغة الدموع وتساءلت معنية، هل هناك مستشفيات ستعالج ابنتي، هل يمكن أن يتعلما لغة الإشارة، وتضيف قائلة «أحيانا لغتي معهما بالإشارة تصيب وأخرى تخطئ، ولم نذهب للبحث عن العلاج لأننا لا نعرف شيئا عنه، سوى ما نشاهده في التليفزيون عن حالات مشابهة لهما، فلا أعلم بمرضهما أو بألمهما إلا عن طريق الدموع التي تصب من عيونهما». الخوف من السيارة يقول شقيق «كاذية ومشغلة» سالم مفرح (47عاما) إن شقيقته الصغرى مشغلة لا تحتمل ركوب السيارة فبمجرد صعودها السيارة يغمى عليها، ولابد أن يسندها شخصان حتى نصل بها حيث نريد، فهي لم تغادر المنزل منذ ولادتها سوى عندما ذهبنا بها إلى مستشفى بيشة لأخذ تقرير لتحصل على إعانة من التأهيل الشامل حيث نقطع مسافة وطرقا وعرة نمضي فيها بين 6 إلى 7 ساعات بعد أن نجد سيارة نستأجرها من سيارات الدفع الرباعي بمبلغ يتجاوز 500 ريال للرحلة الواحدة لجازان في حال وجود عائلة بعد أن نقطع المسافات سيرا على الأقدام، ويضيف سالم بأنه يعيش مع والدته وزوجته وأبنائه، وشقيقتيه في تلك المنازل الحجرية ويعمل مراسلا في مدرسة الشامية للأولاد». ابتسامة وأمل «كاذية ومشغلة»، تعيشان أوضاعا مأساوية في منزل متهالك، بني من الحجر وسقف بأعواد العرعر وغطي ببعض الأقمشة للوقاية من حرارة الشمس، والأمطار، ولكن ابتسامة وأملا يحذوان ذويهما في علاجهما أو تعليمهما لغة الإشارة بدلا من لغة الدموع التي يخفيان خلفها كثير من الألم. والطريق لمنزلهما شق في الصخر بأيدي جيرانهما وأهلهما، حيث لم تصله معدات الطرق التي رسمت حدودها. جهات مختصة رئيس مركز جبل القهر أحمد العزي أوضح أنه تم الوصول إلى المرأة المسنة والاطلاع على حالتها وابنتيها المصابتين بإعاقة الصم والبكم وتم إعداد تقرير ورفعه لمحافظ الريث لاتخاذ الإجراء مع الجهات المختصة، وقال رئيس الجمعية الخيرية في الريث مغذي الريثي إنه سيتم تشخيص حالة الفتاتين، وسيتم بناء غرفتين لهما، وتوظيف امرأة تقوم بتقديم الخدمة لهما، بالإضافة إلى دراسة الحالتين لتقديم جميع التسهيلات.