يقرأها: عبدالمحسن يوسف يرسمها: معتصم هارون بلا مواربةٍ أقول: كلما قرأت له نصاًّ، تذكرت شعراء العامية الكبار: فؤاد حداد، صلاح جاهين، نجيب سرور، ....إلخ فكما يملكون حسّا عالياً يحتفي بنبض الشارع يملك هو الحسَّ ذاته.. وكما يصدرون عن قضيةٍ أو هَمٍّ، يصدر هو أيضاً.. ذو موهبةٍ كبيرة.. ومع هذا لم يكتفِ بموهبته.. لم يتكئ عليها فقط فيما يكتب.. بل زادها ثراءً عبر المطالعة الواعية والتثقيف الجاد ومتابعة تجارب الآخرين تحديداً المبدعين الكبار.. وقراءة الواقع بعين فنان حاذق.. والتقاط المشاهد اليومية برهافة شاعرٍ يعرف جيداً كيف يجعل منها فناًّ رفيعاً يمكث في الوجدان ولا يذهب مع الريح.. من قراءة نصوصه تلك المكتوبة بالمحكي الفصيح، تدرك على الفور أنه قريب من أنين الناس.. من عذاباتهم وفجائعهم من آلامهم وآمالهم.. ومع أنه يكتب عن البسطاء والفقراء والمعذبين في الأرض.. إلا أنه يظل منحازاً للشعر وليس للشعار.. والقصيدة التي ينسجها تنتمي للإبداع الجميل، للإبداع الذي يتألق.. وهي دائماً ليست بياناً «أيديولوجياً» عن الكدح والكادحين.. شاعر مرموق هو.. نعم ، مرموق في شعره وسلوكه.. نأى بنفسه عن الحروب الصغيرة، والمعارك المجانية التي تحفل بها ساحة الشعر الشعبي لدينا.. وهي ساحة مملوءة بالكثير من الأسقام والكثير من العيوب.. نأى بنفسه عن الشتائم والبذاءات وتمجيد الذات وهجاء الآخر.. لم يقلل من شأن أحد.. ولم يزدرِ تجربة غيره.. ولم يمشِ خلف رايةٍ سوى راية الإبداع.. ولم يلهث خلف ملحنٍ أو مغنٍّ كما يفعل الكثيرون! ليس مكرساً، وليس مبتذلاً، ولم يزج بنفسه وشعره في غبار تلك المسابقات التي تتبناها بعض الفضائيات التي تضلل المشاهد وتحصد الملايين وتفسد المبدع وتسيء إلى الإبداع. إنه الشاعر المبدع مسفر الدوسري الذي يكتب قصيدته بحبر القلب في عزلةٍ حاشدة..