نادراً ما تجد بقالة صغيرة دون أن تكون لوحتها موسومة بجملة «توصيل الطلبات مجاناً»، وأمامها تصطف دراجات نارية سوداء، تنتظر المساء لتطير في الأحياء كالجراد المنتشر! باعتبار أننا شعب كسول جداً فقد اعتمدنا «التوصيل» معياراً أوحد، للتعامل مع هذه البقالة دون تلك، بغض النظر عن أي أمر آخر! والحقيقة المرة التي يغيبها الكسل عن أذهاننا، أن هذه البقالات الصغيرة تستغل خمولنا لتعبئ بيوتنا بما فضل من بضائع السوبر ماركت، ومخازن التجار والموردين، الذين يتخلصون منها بثمن بخس قبل أن يأتي عليها تاريخ انتهاء الصلاحية وهي في مستودعاتهم! حقيقة أخرى، هذه البقالات تبيعنا بأسعار أعلى من السوق، لكننا لا ننتبه لهذا الأمر لأن زيادة ريال أو نصف ريال لا نعبأ بها، وننسى أن زيادة ريال في سلعة ثمنها خمسة ريالات تعني زيادة 20 %! حقيقة ثالثة، هذه البقالات تفتقد للحد الأدنى من الاشتراطات الصحية لسلامة الغذاء، فهي تعتمد سياسة التقشف التي تحد من توفير بيئة صحية تضمن بقاء ما تحويه من أغذية صالحة للاستهلاك الآدمي، من تبريد، وتكييف وتهوية، وخلافها! حقيقة رابعة، أن موسم الصيف الحافل بالانقطاعات المتكررة للكهرباء، كفيل بإفساد بضاعة هذه البقالات، التي لا يمكن أن تتحمل ميزانياتها عبء اقتناء مولدات كهربائية لمواجهة انقطاع التيار الكهربائي، كما تفعل بعض «السوبر ماركت»! حقيقة أخيرة، هذه البقالات تقدم خدمة «التوصيل» لكن ليس مجاناً، بل بثمن باهظ على الصحة أولاً وعلى الجيب ثانياً!