قال لي من حدثني ليتنا فعلنا كذا، قلت له بالعكس تماماً، حين تفاجأ بالمقالب والمثالب والمتغيرات والمفاجآت فلا تحزن وتقِم العزاء وتندب وتلطم وتقُل لو... ولو...، لا. حاول أن تغير ما حدث لطرفك ومصلحتك. وهذا يحتاج هدوء بال وضبط أعصاب، والتفكير الإيجابي بحذق. جاء في الحديث نهي عن التمنيات الفارغة وأسطورة لو. السر هو أن لو لن تفعل شيئاً. وهنا يجب التفريق بين المراجعة والتمني الفارغ الذي لا يقود إلا إلى الأحزان. هنا تأتي صلاة الاستخارة، في أن يقدم المرء على أمر متوكلاً على الله، متحملاً العواقب والنتائج بنفس طيبة. أذكر من صديق لي من حلب أنه كان يعمل في مصنع لإنتاج الألوان والصباغات ودهان الأبواب؛ وأنه حدث خطأ فظيع في يوم، حين تم وضع خلطة لإنتاج لون محدد؛ فخرج لون جديد بشع ليس من الألوان المعتمدة، بسبب خلط المقادير. بدأ الرعب ينتاب الجميع لهذه الغلطة، فكمية الدهان المعالج هائلة. يقول صديقي جلس رب العمل يحسب وهذه هي ميزة القائد أن لا يفقد أعصابه ويقلب الأحداث لصالحه. وهذا الذي كان، فخرج لون جديد بهيج درّ مزيداً من الأرباح على المصنع، فهذه هي أخلاق القيادات المبدعة. من أمثال هذه القصة العشرات لقواد عسكريين وفنيين ومهنيين شتى. أذكر من هذا قصة صحن التيفال، حين أراد أن ينتج مادة فأدى خلط المزيج إلى خلاف ما أراد صاحبها، ولكنه قاد إلى فتح مبين في إنتاج أدوات الطبخ التي لا يلتصق بها الطعام، وبذلك أصبحت هذه الغلطة خيراً لمطبخ كل سيدة. وقصة الفياجرا وحدها قصة عجيبة، فهذا الدواء كان في الأصل لعلاج مرضى الضغط الشرياني، فوصلوا -وبمحض الصدفة- إلى دواء حيّر الأطباء والمعالجين منذ أيام حمورابي عن العنة وعدم القدرة على الانتصاب عند الرجال؛ مما حل مشكلة فظيعة محبطة لمعشر الرجال. القصد من كل هذا الكلام أن العبقرية كل العبقرية النظر إلى المشكلات على أنها مفاتيح حلول لأشياء جديدة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.