شدد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، على وجوب تطوير المسار الجامعي المرتبط بالسياحة، لمواكبة التطورات المتسارعة في صناعتها. واعتبر، لدى ترؤسه أمس الاجتماع التاسع للمجلس الاستشاري لكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود، أن غياب الوجهات السياحية الكبرى يشكل أكبر التحديات التي تواجه نمو السياحة. ورأى أن تأخر الوجهات التي اقترحتها الهيئة سواءً على البحر الأحمر أو جبلياً أو صحراوياً فوّت فرصاً اقتصادية كبيرة؛ وحال دون استمتاع المواطنين ببلادهم وتكوين ذكريات جميلة عنها. وأكد الأمير، في كلمته خلال الاجتماع، أن إقرار تأسيس شركة العقير تأخر كثيراً. وأوضح أن «الهيئة قدمت منظومةً من الوجهات التي أُقِرّت من الدولة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة عام 1425ه، منها الوجهة السياحية في العقير التي صدرت (في شأنه) موافقات مجلس الوزراء على اعتماد ميزانيات إيصال الخدمات الأساسية إلى حدود المشروع، ودخلت الدولة في تأسيس الشركة عبر وزارة الشؤون البلدية والقروية بالأراضي المخصصة للمشروع، كما دخل في التأسيس صناديق الدولة وعدد من الشركات المساهمة التي تمثل المواطنين، ورصدَ المؤسسون مبالغ التأسيس، إلا أن إقرار تأسيس الشركة تأخر كثيراً». وتحدث الأمير سلطان عن الدور الرئيس لقطاع السياحة والتراث الوطني في توفير فرص العمل. وذكر أن القطاع هو الثاني في الاقتصاد الوطني من حيث نسب السعودة. ولاحظ أن الرهان الآن على القطاعات الأكثر إنتاجاً لفرص العمل المناسبة للمواطنين والأكثر تحقيقاً لقيمة مضافة للاقتصاد، و«هذا متحقق في قطاع السياحة والتراث الوطني». وطبقاً لكلمته؛ فإن النجاح الذي تنشده الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجامعة الملك سعود هو تحوّل الخريج من باحث عن العمل إلى صاحب عمل ومستثمر في مجالات السياحة والتراث الوطني، التي تعد من بين الأكثر، عالمياً، في الاعتماد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقال الأمير: «نتطلع إلى أن تخرّج الكلية خريجين مميزين يتلقفهم قطاع السياحة والتراث الوطني للعمل في مجال واسع النمو، لا أن تخرّج موظفين في الهيئة التي تظل مؤسسة حكومية محدودة». وتطلّع، في الوقت نفسه، إلى تطوير المقاولين الصغار في مجالات ترميم مباني التراث. ودعا إلى تحفيز الطلاب على تأسيس كياناتهم الصغيرة، للمشاركة في تنفيذ المشاريع التي اعتمدتها وموّلتها الدولة، خاصةً مشاريع برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، «فالهيئة تسعى دائماً إلى توسعة استفادة المواطنين من هذا الاقتصاد الكبير». وتحدث الأمير، وهو أيضاً رئيس المجلس الاستشاري لكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود، عن الاقتصاد الجديد الناشئ في مجال الحرف والصناعات التقليدية. وأشار إلى ما يشهده هذا المجال من مشاريع وبرامج في إطار رسالة برنامج «الحرف والصناعات اليدوية» المستهدِف تحويل الأسرة من الضمان إلى الأمان والاستثمار. ولفت، كذلك، إلى تطورات كبيرة في قطاع السياحة والتراث، من أبرزها إقرار حِزَم من البرامج التمويلية ستحفز لانطلاقة السياحة الوطنية بشكل متطور. وقال: «هذا العام مختلف تماماً بما شهده من قرارات وميزانيات وبرامج للتمويل». وأكمل موضحاً: «نحن نتحدث هذا العام عن صناعة قائمة ومتسارعة، ولابد أن نسابق الزمن في تطوير مسارات الجامعة (جامعة الملك سعود) والجامعات الأخرى لمواكبة هذه التطورات السريعة في صناعة السياحة، فالجامعة بدأت مع الهيئة في تنظيم القطاع ومدّه بالأنظمة والبرامج والمشاريع، والآن جاء وقت القطاف، وعلينا اللحاق بهذا الاقتصاد الذي يمتاز بقدرته على توفير فرص العمل الكريمة للمواطنين في مناطقهم، كما أنه مجال واسع ليتحول المواطنون ذكوراً وإناثاً إلى مستثمرين في الأنشطة الصغيرة ومتناهية الصغر ويكونوا موفّرين لفرص العمل بدلاً من أن يكونوا طالبي عمل». واعتبر الأمير أن التشوهات المتراكمة في الاقتصاد وفرص العمل تحتاج إلى معالجة جذرية، بتوجيه الدعم الحكومي والتمكين الكامل إلى القطاعات القادرة على إنتاج فرص العمل للمواطنين، وتنمية المناطق الأقل نمواً، وضخ العوائد الاقتصادية بشكل عريض ومباشر على أعداد أكبر من المواطنين. وكشف عن اعتزام «العامة للسياحة والتراث الوطني» إنشاء شركة للترميم، مشيراً إلى «نقص في الكوادر المتعلقة به مع كثرة المشاريع»، فيما تنفذ الجامعات «حملة ضخمة للتحرك في مجال التراث». ونوه الأمير سلطان بما يحظى به قطاع السياحة والتراث من دعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي وجّه بالشراكة الفاعلة مع الجامعات للاستفادة من خبراتها في التنمية. بدوره؛ كشف مدير جامعة الملك سعود، الدكتور بدران العمر، عن عملها على مشروع كبير لإعادة هيكلة الأقسام بما يلبي سوق العمل ويضمن المواءمة بين التخصصات. وأشار خلال الاجتماع نفسه، الذي عُقِدَ في مقر الجامعة في الرياض، إلى تعويل الأخيرة كثيراً على الأنشطة الاقتصادية المتجددة، منها السياحة والتراث. وتطلّع العمر إلى استنساخ مثل هذا المجلس (الاستشاري لكلية السياحة والآثار) في تخصصات أخرى. وعدّ المجلسَ مؤشراً على النهج الصحيح للعمل بين الجامعة وهيئة السياحة بوصف الأخيرة المشرف على أنشطة السياحة والتراث الوطني، منوهاً بجهود الأمير سلطان بن سلمان في النهوض بالتراث الوطني وتطوير وتنظيم السياحة المحلية. وناقش المجتمعون عدداً من المواضيع، بينها مقترح تخصيص أيام للمناسبات السياحية والتراثية في المملكة، وعَقد اللقاء الدوري بين عمداء ومسؤولي الكليات والأقسام ذات العلاقة بالتخصصات السياحية والتراثية في دول الخليج. واطّلع المجلس الاستشاري، الذي يضم 21 عضواً، على تقرير عن الجمعية السعودية للسياحة، وآخر عن دورات تطوير المهارات لطلاب كلية السياحة والآثار، وثالث عن مشروع حاضنات الأعمال في الكلية، ورابع عن مشروع تهيئة موقع الفاو الأثري.