أكبر مفاجأتين في الديمقراطية الغربية وانتخاباتها وتصويتاتها كانتا في بريطانياوأمريكا، في بريطانيا انتصر «البريكزيت» الذي أخرج به المصوتون بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي أمريكا فاز ترامب بالرئاسة، رغم كل تاريخه المحمل بالعنصرية وانتقاص حق النساء والأخطاء التي تكفي واحدة منها للإطاحة بأي مرشح. من أهم عوامل صناعة هاتين المفاجأتين البطالة، التي حوّلت أصحابها إلى عنصريين ضد كل عامل أجنبي، في بريطانيا مثلا كانت توزع منشورات تخيف المصوّتين من انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، مما يعني مزاحمة 70 مليون عامل جديد لهم، فوق مزاحمة البولنديين وغيرهم من مواطني أوروبا الشرقية الذين اكتسحوا سوق العمل البريطاني، وفي أمريكا دغدغ ترامب أحلام العاطلين بوعود توطين المصانع والحد من الهجرة إلى أمريكا لزيادة فرص الوظائف لهم. كان خطأ المنافسين أنهم لم يلتفتوا لهذه الفئة ولم يقدموا لها التطمينات، واكتفوا بخطاب نبذ العنصرية دون إيجاد حلول لتوفير الوظائف لأهل البلد، ففوجئوا بهذه الخسارة غير المتوقعة. في السعودية تسيّد الجدل اتجاهان، أحدهما عنصري ضد الأجانب، والثاني عنصري ضد المواطنين، الأول يطالب بطرد الغريب، والثاني يرى ابن البلد كسولا، لذلك حلّ الأجنبي مكانه. وهذا الجدل البيزنطي هو أحد إفرازات البطالة، التي تتراكم آثارها السلبية يوما بعد يوم، وحلها اقتصادي بحت، بالاستماع لأصوات العاطلين عن العمل، والمسارعة في توفير الفرص الوظيفية لهم.