أصبحت الأزمات جزءاً من نسيج الحياة، وقد ازدادت حِدتها في العصر الحالي، وذلك نتيجة للتغيرات الفجائية والمتلاحقة التي تحدث تباعاً على المستوى المحلي والعالمي، والتي تؤدي إلى عدم القدرة على التكيف والتواؤم معها بسرعة. ومن أهم تلك التغيرات والتحولات سقوط الدول المجاورة لدول مجلس التعاون في يد المد الصفوي والتحالفات الغربية معه لاستنزاف دول الخليج والسيطرة على ثرواتها وتصبح مثل العراق وغيرها. بعد هذه المقدمة نرجع إلى موضوع التجنيد الإلزامي، فقد تناقلت وسائل الإعلام العربية والغربية فتوى للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام السعودية، ورئيس هيئة كِبار علمائها، يدعو خلالها المسؤولون إلى ضرورة التجنيد الإجباري للشباب. إن مبادرة المفتي أعتبرها بادرة طيبة ولكنها تحتاج إلى دراسة متأنية وقواعد تطبيق وتكون إلزامية لكل شاب، وأنا هنا لا أعترض، بل أفكر في استمرارية عملية التجنيد، وتكون قانوناً يطبق على جميع الشباب. فأغلب البلدان لديها تجنيد إجباري ويمكننا الاستفادة من تجارب هذه البلدان. وهنا لنا وقفة مع المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، إبيان الغزو العراقي للكويت في عام 1990 عندما أمر بفتح باب التطوع العسكري للمدنيين، فكان هناك إقبال غير متوقع وأعداد كبيرة جداً من الشباب وكبار السن، وهذا هو الشعب السعودي الوفي لبلده وحكومته. إن التجنيد الإجباري له من الفوائد التي يغفل عنها كثيرون، منها أنها تنمي الشعور الوطني الحقيقي، وتحمُّل المسؤولية والانضباط وتعلم الفنون العسكرية. وهذا من أهم الفوائد، فإذا احتاجك وطنك فأنت جاهز ولديك المعرفة التامة في المجال العسكري. ونحن في هذه الحقبة أصبح التجنيد الإجباري ضرورة حتمية، وذلك بسبب أوضاع المنطقة غير المستقرة. قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ). وأخيراً، أقول لكل مواطن سعودي: لديك قيادة تفتخر بها وتسعى لتوفير الأمن والأمان لك ولجيرانك، فزِد فخراً بوطنك وقيادتك.