في المدينةالمنورة بعد أن انتهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بناء مسجده، كان أول عمل قام به هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وقد كان ذلك أعظم إخاء في تاريخ البشرية، وعندما اطمأن رسول الله، واجتمع إليه المهاجرون والأنصار، واستحكم أمر الإسلام، حيث كانوا يجتمعون للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة لها. وفي ذات ليلة طرق باب رسول الله رجل من الأنصار واستأذن عليه، وسأله الرسول عن سبب قدومه، وردّ عليه قائلًا أنه رأى رؤيا ويريد أن يحدّث الرسول عنها، وقصّ عليه أنه رأى رجلًا عليه ثوبان أخضران، ويحمل ناقوسًا في يديه، فقال الأنصاري للرجل أنه يريد أن يشتري الناقوس ليدعو به إلى الصلاة كما تفعل النصارى، ودّله الرجل إلى قول خير من هذا الناقوس، وعلمه نداء الآذان (الله أكبر الله أكبر .. أشهد أن لا إله إلا الله ...)، وانتهت الرؤيا، وأمر الرسول الكريم الأنصاري أن يقوم ويُلقي ما سمعه على بلال، ليؤذن بها إلى الصلاة، فإنه أندى صوتًا، ومن هذه الرؤيا جاءت صيغة النداء إلى الصلاة وخصّ بها بلال بن رباح، وقد كان أول مؤذن في الإسلام. وتعد تلك الرؤيا هي الخيوط الأولى في قصة اختيار بلال الحبشي ليتبوأ هذه المكانة المرموقة في الإسلام، فذلك العبد الفقير تبوأ منزلة رفيعة وهي منزلة إمام المؤذنين يوم القيامة. (المصدر: الأوائل في حضارة الإسلام | المؤلف سيف الدين كاتب)