أولاً وقبل كُل شيء نُبارك لأنفسنا ولجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها انتهاء موسم الحج ونجاحه الباهر اللافت للأنظار، وبحمد الله وفضله تمت مناسك الحج وأدى المُسلمون فرضهم بكُل يُسر وسهولة، وبفضل الإمكانات الهائلة التي هيأتها حكومة المملكة العربية السعودية لهذه الأفواج من المسلمين ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان وراحة بال، ولما قام به رجال الأمن الأشاوس والكرام من واجبات نرفع لها القُبعة والعقال، فألف ألف شكر لهم ولجميع من عمل من وزارات وهيئات، جماعات وأفراد فرداً فرداً، موسم بلا أحداث ولا أمراض، ولا شغب.. موسم غابت عنه «الشياطين»، وكما قلت في مقالي السابق: إيران الشيطان الأكبر، فها هو الحج يمر بسلام والحمد لله على نعمه وفضله. نعود إلى موضوعنا الرئيس، والعالم أجمع يعيش الآن على ترقب ماذا ستنتج عنه الانتخابات الأمريكية، ومن سيقود العالم من البيت الأبيض، هل سيكون الجمهوريون أصحاب الكلمة والرأي والنفوذ أم أن الديمقراطيين لهم كلمتهم..؟ هل ستكون هيلاري كلينتون أول امرأة في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتلي كرسي الرئاسة أم إن ترامب وأنصاره سيقفون دون تحقيق ذلك الحُلم الذي راود الملايين من أنصار أوباما وحزبه؟ فقد تم ترشيح هيلاري لتتولى المُهمة التي بدأت وكأنها مزيج من الصعوبة والمُستحيل ومزيد من تكسير الجمود والقواعد والتقاليد، فكما نعلم فإن كلينتون صاحبة خبرة سياسية «وزيرة خارجية سابقة» وهي سيدة ذكية من الطراز الأول، درست القانون وعملت في المحاماة لسنوات عديدة، إلا أن الشارع الأمريكي والناخب الأمريكي لا يرحم ولا يُريد مُقدمات ووعوداً ومهاترات، مطالباته واضحة وإن لم تنفذ فالويل والثبور لمن وعد وعاش بأحلام التسويف.. هُناك في أمريكا لا مجال للتلاعب بمشاعر الشعوب، ولا مجال للهتافات بالخُطب الرنانّة، يُريد الناس واقعاً ملموساً، يُريدون تحقيق مآربهم ومطامحهم وأهدافهم، يريدون تقليل البطالة وانتعاش الاقتصاد والتقليل من المخاطر ومزيداً من الرفاهية، ما عداها لا يهم، وهو شعب لا يرحم، اعتاد على الشفافية والديمقراطية، وهناك سقف الانتقاد إلى ما لا نهاية، فالحزب الجمهوري أو الديمقراطي لا يُخاطر بمرشحه إلّا إذا أدرك مدى قوته وانجذاب الشارع إليه، حيث من خلاله يستطيع الحزب تحقيق برامجه وأهدافه، وكما نعلم فإن السنوات الأربع كفيلة بالحكم على هذا المرشح أو ذاك؛ فمسألة الأبدية ليست موجودة في الدستور الأمريكي، لك مرحلتان فقط إما أن تبلغهما أو أن تخسر، ولكننا نلاحظ أن غالبية الرؤساء الجدد يتمتعون بقضاء مرحلتين أي يمكث كل منهم في البيت الأبيض ثماني سنوات، فهل خلف ذلك من «سِرّ» أم إن الناخب الأمريكي ملّ من التغييرات ويُريد إعطاء فُرصة أُخرى لهذا الرئيس أو ذاك لأربع سنوات أُخرى يُحقق فيه ما لم يُدركه في السنوات الأربع الأولى، رُبما..!! «ترامب» و«هيلاري» بدآ التراشق وكشف الأسرار وما الإيميلات التي نشرها حزب ترامب وقوله إن فضيحة هيلاري أقوى من «فضيحة ووتر جيت» إلا بداية لحرب عاصفة بين الحزبين، ورأينا كسبهم لقضية مرض هيلاري وأنها لا تستطيع أن تقود الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالتالي العالم أجمع بقواها الهزيلة وصحتها المُتردية، وما حضور أُوباما في بنسلفانيا نيابة عنها إلا تأكيد لوضعها الصحي غير المطمئن لحزبها وناخبيها، ومن هُنا جاءت ردود فعل أنصار ترامب وشنّهم الهجوم الناري على خصومهم. في المقابل شنّ أعضاءٌ من مجلس الشيوخ هجوماً لاذعاً على ترامب وحزبه ووصفوهم بأنهم «عصابة» وغير ذلك من الألفاظ والاتهامات بين الطرفين، إلا أن الأمور لا تدخل في الخصوصيات الأُسرية بل هو نقد لتصرفات الشخص نفسه وعمله وكيف يكون مؤتمناً على البيت الأبيض وله من السلبيات كذا وكذا..؟ تخيلوا كل هذه العبارات والاتهامات تنتهي بمُجرد أن تنتهي الانتخابات ويفوز أحد المرشحين بالرئاسة، وربما حصلت اعتذارات بين الطرفين كون مصلحة الأُمة الأمريكية فوق الجميع..! سؤالنا: ماذا لو كانت هذه الانتخابات في إحدى دولنا العربية؟ ماذا تتوقعون من اتهامات وشتائم وحجم الانهزامات، والانكسارات، والقتل والدمار، والانتقام كيف سيكون الانتقام بعد النتائج..؟ وماذا حدث في مصر وليبيا وتونس وغيرها..؟