رسم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، صورةً متفائلةً لمستقبل بلاده، مُجدِّداً دعمه الكامل لهيلاري كلينتون (ديمقراطية) كمرشحةٍ رئاسيةٍ في مواجهة دونالد ترامب (جمهوري). وأثار الرئيسُ الحماس بشدَّة خلال المؤتمر العام لحزبه (الديمقراطي). وحثَّ أعضاء الحزب، في خطابٍ ليل الأربعاء- الخميس بفيلادلفيا، على تمكين مرشحتهم من إنهاء المهمة التي بدأها مع انتخابه قبل نحو 8 سنوات. وشهدت الليلة نفسها كلماتٍ من شخصياتٍ «ديمقراطية» بارزةٍ عقدت مقارناتٍ بين كلينتون وترامب الذي صُوِّرَ على أنه تهديدٌ للقيم الأمريكية. ووسط الهتافات؛ أعلن أوباما «لم يكن هناك قط أي شخص رجلاً كان أو امرأة -ولا أنا ولا بيل كلينتون- أهلاً لرئاسة الولاياتالمتحدة أكثر من هيلاري كلينتون». وخاطبَ الحضورَ قائلاً «هذه الليلة أطلب منكم أن تفعلوا مع هيلاري ما فعلتموه معي، أطلب منكم أن تحملوها بنفس الطريقة التي حملتموني بها». وعندما انتهى من حديثه؛ صعدت المرشحة إلى المنصة وتعانقا وتشابكت يداهما ملوِّحَين للأنصار. وحملت كلمة الرئيس بديلاً لرؤية ترامب الذي يصوِّر الولاياتالمتحدة بوصفها دولةً تفقد نفوذها العالمي وواقعةً تحت حصار المهاجرين غير الشرعيين والجريمة والإرهاب. وعبَّر أوباما عن تفاؤله «بشأن مستقبل البلاد أكثر من أي فترة». واعتبر أن «أمريكا عظيمة بالفعل وقوية بالفعل»، مُشدِّداً «أؤكد لكم أن قوتنا وعظمتنا لا تعتمد على دونالد ترامب» الذي يتعهد في حملته ب «جعل أمريكا عظيمةً مرةً أخرى». ووفقاً لأوباما؛ فإن «القيم الأمريكية هي ما جعلت الولاياتالمتحدة عظيمةً وليس الانتماء العرقي أو الديني أو السياسي»، و»هذا ما يجعل كل من يهدد قيمنا -سواء كان فاشياً أو شيوعياً أو جهادياً أو محرِّضاً نشأ في الداخل- يخسر في النهاية». وفي وقتٍ سابقٍ أمس الأول؛ اجتمعت شخصياتٌ كبرى في الحزب الديمقراطي ومسؤولون سابقون في الأمن القومي على وصف ترامب ب «غير قادر» على قيادة زورق الولاياتالمتحدة عبر المياه المحفوفة بالمخاطر في العالم حالياً. وعلى النقيض؛ لم يشارك عدد كبير من الشخصيات الجمهورية في مؤتمر حزبهم في كليفلاند الأسبوع الماضي؛ بسبب القلق من تعليقات ترامب الاستفزازية عن المسلمين والمهاجرين غير الشرعيين. وخلال اجتماعٍ ل «الديمقراطي» الأربعاء؛ قبِلَ السيناتور تيم كين ترشيح الحزب له نائباً لكلينتون، وألقى خطاباً وصف فيه ترامب ب «طاقم تدمير مؤلف من رجل واحد» لا يمكن الوثوق به في المكتب البيضاوي. كما تحدث نائب الرئيس، جو بايدن، عن المرشح «الجمهوري» قائلاً «إنه انتهازي ليست لديه فكرة عن كيفية جعل الولاياتالمتحدة عظيمةً أو كيفية مساعدة الأسر العاملة». ويدعم أوباما حملة وزيرته السابقة للخارجية آملاً في تسليم البيت الأبيض إليها بوصفها زميلة «ديمقراطية» موثوقة. ورسمياً؛ نالت زوجة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، الثلاثاء، ترشيح حزبها إياها في انتخابات الرئاسة المقررة في الثامن من نوفمبر المقبل. ووفقاً للعضو في حملتها جون بوديستا؛ يتطلع «الديمقراطيون» إلى إظهار التمايز بين مهارات مرشحتهم البالغة من العمر 68 عاماً و»النهج غير المستقر والمتقلب والخطير» لترامب. وفي تحركٍ غير تقليدي إلى حد بعيد؛ ناشد ترامب (70 عاماً) روسيا الكشف عن آلافٍ من رسائل البريد الإلكتروني التي لم تسلِّمها منافسته إلى المسؤولين الأمريكيين. ويرتبط حديثه بتحقيقٍ في استخدام كلينتون بريدها الإلكتروني الخاص خلال وجودها على رأس الدبلوماسية الأمريكية بين عامي 2009 و2013. لكنها تصف الرسائل التي لم تسلِّمها ب «خاصة».وانتقد ترامب، وهو رجل أعمال لا خبرة له بالمناصب السياسية، مرشحة «الديمقراطيين». ووصفها ب «غير جديرة بالثقة»، فيما صوَّر الولاياتالمتحدة كمكانٍ تكثُر فيه التهديدات الأمنية وينهار فيه القانون والنظام، مقترحاً إجراءاتٍ شديدة الإثارة للجدل مثل منع مؤقت للمسلمين من دخول البلاد وبناء سياج على الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين. فيما تصوِّر حملة كلينتون ترامب، وهو نجم سابق لتليفزيون الواقع، باعتباره غير مؤهل سلوكياً للقيادة. ولاحظ المتحدث باسم البيت الأبيض، إريك شولتز، الثلاثاء، أن الرئيس «كان صريحاً بشأن اعتقاده أن اختيار المرشح الجمهوري مسار محفوف بالمخاطر للبلاد». وتغلب أوباما على كلينتون في حملة 2008 لنيل ترشيح الحزب. وجاءت كلمته ليل الأربعاء- الخميس بعد 12 عاماً من اليوم الذي ألقى فيه خطاباً رئيساً كسيناتور عن ولاية إيلينوي أمام مؤتمر «الديمقراطيين» في 2004، ما مثَّل نقطة انطلاقٍ له على الساحة الوطنية. وخاضت كلينتون معركة ضارية أخرى في الانتخابات التمهيدية هذا العام، حيث تغلبت على منافس قوي على نحو غير متوقع هو اليساري والسيناتور عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز. وفي بادرةٍ على وحدة الحزب؛ قدم ساندرز كلينتون ليل الثلاثاء على أنها أول مرشحة رئاسية عن حزب أمريكي كبير. وأحياناً؛ تذكُر كلينتون مقولةً شهيرةً لإيليونور روزفلت زوجة الرئيس «الديمقراطي» الأسبق، فرانكلين روزفلت، جاء فيها «إذا إرادت النساء ممارسة السياسة لا بد أن يكون جلدهن سميكاً كوحيد القرن». وفي الكنائس والمقاهي أو في اللقاءات الانتخابية؛ تتحدث كلينتون عن آلاف النوادر حول تجارب مرَّت بها وتجاوزتها في العقود الأربعة التي أمضتها في الحياة العامة. وهي تقول غالباً «لدي الندوب التي تثبت ذلك». ولا يمكن إحصاء الانتقادات بالكذب والاحتيال والمحسوبية وحتى بالقتل؛ التي وجهها إليها «الجمهوريون». وترى غالبيةٌ من الأمريكيين أن مرشحة «الديمقراطيين» غير صادقة. لكنها باتت اليوم على مشارف المكتب البيضاوي. وسبق لها القولُ متوجهةً إلى الفتيات «ربما سأصبح أول رئيسة للبلاد، لكن واحدة منكن ستكون التالية». وُلِدَت هيلاري دايان رودهام في 26 أكتوبر 1947 في شيكاغو، ونشأت في ضاحية بارك ريدج الهادئة التي يقطنها بيض في وسط غرب البلاد في كنف عائلة متوسطة. وهي تحب والدتها دوروثي وتصف والدها هيو رودهام، وهو ابن مهاجرين بريطانيين، بأنه عنيد وقاسٍ. لكنه نقل إليها أخلاقيات العمل والخوف من الفاقة. ومن والدها ورِثَت أيضاً القناعات الجمهورية التي بقيت تلتزم بها حتى سنوات الجامعة، علماً بأنها لا تزال تتمسك بالكنيسة الميتودية التي تتبعها العائلة. وفي 1965؛ قُبِلَت كلينتون التي تتصف بالذكاء والطموح في جامعة الشابات العريقة ويلسلي كوليدج غير البعيدة عن هارفرد، ثم فتحت عينيها على حقوق السود والنضال من أجل الحقوق المدنية وحرب فيتنام والمساواة بين الرجل والمرأة. وانتُخِبَت الطالبة ذات النظارات السميكة والتي تتمتع بقدرات قيادية وشخصية قوية من قِبَل زميلاتها لتمثيلهن في الإدارة. وفي 1969؛ التحقت بكلية الحقوق في ييل حيث التقت زوجها لاحقاً بيل. وكتب بيل عنها «كان لديها تصميم وقدرة على ضبط النفس نادراً ما لاحظتها لدى رجال أو نساء». في هذه الفترة؛ بدأ نشاط هيلاري للدفاع عن حقوق الإنسان والنساء. وعند انتهاء دراستها؛ اختارت العمل مع صندوق الدفاع عن الأطفال بينما استقر بيل في أركنسو لبدء مسيرته السياسية. وبعد إقامةٍ في واشنطن عام 1974 حيث وظَّفتها لجنة التحقيق في فضيحة «ووترغيت»؛ تبِعَت بيل إلى أركنسو (جنوب) حيث انتخِبَ هو نائباً عاماً ثم حاكماً للولاية بينما التحقت هي بمكتب كبير للمحاماة. وفي 1980؛ وُلِدَت ابنتهما تشيلسي. وتحت الضغوط؛ تخلت هيلاري عن اسم عائلتها مكتفيةً بكنية كلينتون، وأصبحت السيدة الأولى لأركنسو ثم للولايات المتحدة بعد انتخاب بيل رئيساً في عام 1992. لكن صورة «الشريكة الرئاسية في الظل» التي يغذّيها «الجمهوريون» تتناقض مع الصورة التقليدية للسيدة الأولى التي تهتم بالأعمال الخيرية. وبعد فشل مشروعها لإصلاح النظام الصحي بشكل كارثي في عام 1994؛ انسحبت السيدة الأولى من الملفات السياسية للتركيز في المقابل على قضايا النساء خصوصاً في الخارج. ورغم الإهانة التي شعرت بها من خيانة زوجها؛ فإنها دافعت عنه بقوة مع أنهما كانا يقصدان خبيراً نفسياً لإنقاذ زواجهما. وأكسبها موقفها تعاطف المواطنين، إذ أظهر استطلاعٌ لمعهد غالوب في ديسمبر 1998 أن 67% من السكان مؤيدون لها. ومع دنو موعد رحيلها عن البيت الأبيض؛ انطلقت السيدة الأولى في العمل السياسي وانتُخِبَت في نوفمبر 2000 عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك. ثم رفضت الترشح للانتخابات الرئاسية في 2004، لينتقدها باراك أوباما في الاقتراع التالي بلا توقُّف على خلفية تصويتها مع حرب العراق. وحوَّلت هيلاري تجربتها إلى شعارٍ آنذاك، ووعدت بأن تكون سيدة حديدية. لكن الناخبين فضلوا عليها شاباً أربعينياً جديداً أسوداً يجسد التغيير أكثر من أي شخص آخر. وفي حدث لم يكن متوقعاً؛ أصبحت وزيرة للخارجية في حكومة أوباما بولايته الأولى. ويقول معارضوها إنها لم تحقق أي نجاحٍ دبلوماسي يُذكَر. وينتقدها «الجمهوريون» بشدة بسبب الهجوم الذي وقع في بنغازي الليبية وقُتِلَ فيه السفير الأمريكي مختنقاً مع 3 موظفين آخرين. وحين أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) أنه لن يوصي بملاحقاتٍ بحقِّها في قضية استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي بدلاً عن البريد الرسمي؛ زادت الشكوك في أن الزوجين كلينتون يعتقدان أنهما فوق القانون إلى جانب أنهما يعيشان حياة أثرياء. لكن سنواتها الأربع في الخارجية عزَّزت صورتها كسيدة دولة، وهو ما يؤكده أوباما.