رغم التطور الصناعي الذي يشهده العالم، إلا أن حرفة صناعة «الحبال» لاتزال ضمن عدد من الحرف التراثية، التي يعشقها عدد كبير من الناس، ويعملون بها رغم صعوبتها. وتعتبر صناعة الحبال من الحرف القديمة، التي يمارسها الآباء والأجداد منذ القرن الماضي، وباتت مهددة بالاندثار. ويشارك ركن «صناعة الحبال» في مهرجان الساحل الشرقي المقام بمتنزه الملك عبدالله في الواجهة البحرية بالدمام لتعريف الأجيال الحالية برونق الماضي وجماليته. ويقول الحرفي البحريني علوي الشبر، إن صناعة الحبال لن تندثر كونها مهنة الآباء والأجداد، ولأن المجتمع يحتاج إلى المحافظة عليها، مبيناً أنه قضى ما يقارب من 30 عاماً، يحرك أصابعه للأعلى والأسفل، وترتسم على وجهه الخبرة والمهارة في صنعها وإحياء التراث. وأوضح أن الحبال تصنع من «ليفة النخيل» بعد فتلها، حيث يتم قطع ليف النخيل وغسله، ثم ينشف تحت أشعة الشمس، وهذه العملية تساعد على تفكك الليف، فيكون جاهزاً للغزل بعد الغسيل والتجفيف والضرب والتمشيط، وتُصنع منه «القراقير»، وقديماً «الثياب»، وكان يستخدم في ربط أسقف البيوت، كما تتعدد استخداماته في الأغراض اليومية. وكانت صنعة «الحبال» في الماضي غرضاً أساسياً في عديد من أنشطة الحياة اليومية، وتعتبر حرفة مشتركة بين دول الخليج العربي، وموروثاً شعبياً قديماً. ويحكي الشبر، مسار هذه الصنعة الموروثة من أجداده، التي لم تندثر بعد، ونقلها بكل صبر وخبرة إلى أبنائه، قائلاً: «إن صناعة الحبال باتت مهددة بالاندثار في الوقت الحالي، وحلت محلها حبال النايلون، وعديد من أنواع الحبال النوعية، ويتم إحياؤها للأبناء وتذكيرهم بالموروث القديم». وأضاف الشبر، أنه عمل في هذه الصنعة منذ ما يقارب 30 عاماً، حيث يلف الألياف مع بعضها بعضاً بين راحتي كفه، ويقضي ساعة لإنجاز ما بين 15 إلى 20 متراً من الحبال، وغالباً ما يتعاون، ويتشارك الأهالي في هذه المهنة لسرعة الإنجاز، و»فخامة الإنتاج»، ولايزال الإقبال عالياً على بعض المنتجات مثل «الصيرم». وبيَّن أن حرفة صناعة الحبال، كانت في الماضي تتربع على عرش الحرف، كونها كانت متعددة الاستخدام في الزراعة، وبناء المنازل، وربط الحيوانات، وربط السفن والغوص، لما تمتاز به من قوة ومتانة وطول صلاحية استخدام، كما كان يتم استخدام الحبال في ديكورات المنازل للزينة، وقديماً عاش أهالي الخليج في منازل كان إنتاجها وتمويلها من النخيل، ويحتاج الجيل الحالي إلى تداول هذا الموروث، ونقله عبر المهرجانات التراثية. وأكد أن هناك بعض الزوار من الجيل الحالي يجهلون ما هي استخدامات الحبال قديماً، مبيناً أنه يقوم بإيضاحها لهم، والتاريخ التراثي لمهنة صناعة الحبال. وأشار إلى أنه نقل تلك المهنة إلى أبنائه من خلال التعليم المستمر للحفاظ على هذا الموروث العريق من الاندثار، كونه يمثل الصناعة الحقيقية لحياة الإنسان.