التقت “الشرق” على هامش “الجنادرية27′′ مع أستاذ الحضارة الأندلسية في جامعة تونس، الدكتور شيخ جمعة، الذي تحدث عن انطباعاته، وقدم بعض الأفكار والرؤى حول المهرجان، فقال إن الإنسان بصفة عامة لا يعيش الحاضر فقط، ولابد كي يؤسس الحاضر من أن يبرز هويته، فتلك الهوية تؤثر في واقعه، وتعينه في مستقبله. ومهرجان الجنادرية يحاول استغلال الماضي لتدعيم الحاضر، وبناء المستقبل. والأشياء التي شاهدناها هي تقاليد عربية أصيلة، في المهن، والعادات والتقاليد واللباس والأكل؛ وكل تلك العادات والتقاليد نخاف عليها من الاضمحلال، لأن الشباب الآن انشغلوا بالفيسبوك وتويتر، وغير ذلك، لكن المهرجان يحاول أن يثير انتباهه إلى أن الحياة فيها الإنترنت وأشياء كثيرة، ومن الأمور التقليدية هناك أشياء كثيرة لابد أن نحافظ عليها. ولدينا في الجنوب التونسي مهرجان الصحراء في “دوز” وهو جنادرية مصغر يقام كل عام، وبعض العناصر الموجودة في دوز هي نفسها في الجنادرية، مثل كيفية السقاية من الآبار، والصناعات التقليدية، وصناعة السيوف، وصناعة الخناجر، والاعتناء باللباس التقليدي، والفرق في قوة التنظيم هنا، والمقدرة على إيجاد حيز مكاني كبير، بينما نحن في دوز، فالحيز صغير. وكان الدكتور شيخ جمعة شارك في ندوة، كمناقش لا كمحاضر، وقال: “بيَّنت أن المثقف قبل الربيع العربي والثورات كان يتحدث قليلاً، وإذا تكلم إما أن صاحب السلطة يرحب به، أو يسجنه إذا قال كلاماً ضده، أما بعد الربيع العربي فأصبح المثقف يتكلم كثيراً، وهنا آخذ التجربة التونسية، فلدينا ثلاث محطات تلفزيونية (نسما، وهنيبل، والوطنية)، وحديث المثقف وكلامه وتنظيره من خلال تلك المحطات ازداد بشكل كبير، وأصبح ينظر سياسياً، لأن المثقفين يحاولون أخذ دور في السياسة، لكنني لم أرَ أو أسمع أكثر من الكلام والتنظير، والشعب الذي ضحى بدمه ليس في حاجة إلى ذلك بقدر حاجته إلى القيم، وهذه القيم برزت هنا في مهرجان الجنادرية، ومنها حب العمل الذي علينا أن نغرسه في الشباب، خصوصاً المتأثر بالغرب، ونغرس فيه كذلك الاعتزاز بهويته، وهذا موجود في الجنادرية.