اختتم القادة الأوروبيون أمس في بروكسل عاماً حافلاً بالمخاطر بالنسبة لاتحاد دولهم، إذ شهِدَ اعتداءات باريس وتدفُّقاً غير مسبوقٍ من المهاجرين والأزمة اليونانية ومشكلة إبقاء بريطانيا في هذا التكتل. ووصف رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، العام المنصرم بأنه كان محفوفاً بالمخاطر، معدِّداً الصعوبات التي واجهتها القارة. وأوضح «لم أعرف من قبل مثل هذه السنة، بدأت بالرعب وانتهت بالرعب، وطُبِعَت بالخوف والأزمات العميقة الاقتصادية والاجتماعية خصوصاً أزمة سوق العمل»، ملاحظاً «تباعُد الدول الأعضاء كما لم يحصُل من قبل». ورداً على سؤالٍ عن المصاعب التي ستواجه القارة العام المقبل؛ قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، صباح أمس «لا تساورني أية أوهام بالنسبة ل 2016». وخلال قمتهم الأخيرة لعام 2015 المنعقدة منذ أمس الأول في بروكسل؛ تحتَّم على دول الاتحاد ال 28 الدفع في اتجاه تكثيف مكافحة الإرهاب وقطع موارد تمويله، ما سيشكل إحدى أولويات 2016 بعد الاعتداءات التي وقعت في باريس ودول حوض البحر المتوسط (تونس ومصر ولبنان). وشدد رئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشال، على اعتبار تعزيز التبادل بين أجهزة الأمن أمراً جوهرياً على المستوى الأوروبي. وعُقِدَت قمة بروكسل وسط إجراءات أمنية مشددة في ظل حالة الإنذار المعلنة في العاصمة البلجيكية إثر اعتداءات 13 نوفمبر التي أدت إلى مقتل 130 شخصاً في باريس. ولم يتم حتى الآن العثور على مشتبه به رئيس في الاعتداءات، وهو الفرنسي صلاح عبدالسلام الذي نشأ في حي شعبي في بروكسل وكشفت مطاردته عن ثغرات في تعاون دول القارة لمكافحة الإرهاب. وبحسب استخلاصات القمة؛ فإن رؤساء الدول والحكومات ال 28 يُرحِّبون بإمكانية «إقرار وتطبيق سريعين» لسجلٍ موحَّدٍ لبيانات المسافرين الجويين بعدما توصَّل البرلمان الأوروبي الذي كان يعارض المسألة منذ سنوات إلى اتفاقٍ بهذا الصدد. كما يشدِّد القادة ال 28 على ضرورة تعميم عمليات كشف الهويات على الحدود الخارجية لاتحاد دولهم بما يشمل المواطنين الأوروبيين أنفسهم لتفادي تسلل جهاديين. وكان المجتمعون تعهدوا أمس الأول بتسريع تحركهم لاحتواء تدفق المهاجرين الوافدين إلى الاتحاد، الذين يُتوقَّع تخطِّي عددهم المليون بنهاية العام الجاري. وتشمل التعهدات تحقيق تقدمٍ بحلول نهاية يونيو المقبل في مشروع إنشاء قوة مشتركة من حرس الحدود وخفر السواحل. وكان الاتحاد اتفق بعد مفاوضاتٍ شاقةٍ على سلسلةٍ من التدابير منها إنشاء مراكز استقبال وتسجيل للمهاجرين في اليونان وإيطاليا ووضع خطة عمل مع تركيا وتوزيع اللاجئين. لكن الاتفاق تسبب في انقسامٍ بين دول الشرق والجنوب في القارة خصوصاً أن مفعولها على الأرض كان محدوداً للغاية. و«إذا ما فشلنا في حماية حدودنا الخارجية، فلا يسعنا سوى أن نفشل كمجموعة سياسية»، كما يحذر رئيس مجلس أوروبا، دونالد توسك. وكان عام 2014 كشف عن تبايناتٍ في وجهات النظر بين دول الشرق والجنوب حول العقوبات ضد روسيا في ظل فتور العلاقات مع موسكو بسبب النزاع في شرق أوكرانيا. وازدادت الانقسامات حدةً خلال مفاوضات استمرت 6 أشهر حول خطة مساعدةٍ جديدةٍ لليونان التي وصلت في يوليو الماضي إلى شفير الخروج من منطقة اليورو. وكانت الدول ال 28 تبحث صباح أمس سبل معالجة هذه الثغرات وتعزيز النظام المصرفي. وفي مواجهة سيناريو جديد يهدِّد وحدة البناء الأوروبي مع التلويح بخروج بريطانيا؛ أبدت الدول ال 28 الخميس استعدادها ل «التسوية» في المفاوضات الجارية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من أجل بقاء بلاده في الاتحاد. ويؤمَّل التوصل إلى اتفاق في منتصف فبراير المقبل حول الإصلاحات المطلوبة قبل موعد الاستفتاء الذي وعد كاميرون بتنظيمه حول هذه المسألة بحلول نهاية 2017.