لا يتجاوز عدد الفرس 30% من تعداد السكان ضمن جغرافية ما تسمّى بإيران، وتشكل الشعوب غير الفارسية النسبة المتبقية منها، وتتمثل في الآزريين الأتراك (25 مليون نسمة)، الأحوازيين (عشرة ملايين)، الأكراد (عشرة ملايين)، البلوش (أربعة ملايين)، التركمان (أربعة ملايين)، إلا أن جميع السلطات في إيران تختزل في القومية الفارسية دون سواها. وبدعم بريطاني لا محدود شن رضا بهلوي آخر الرُبع الأول من القرن الماضي حملاته العسكرية على سكان الأقاليم غير الفارسية لإلحاقها ضمن سيادته، وبعد ذلك نظم أكبر حملة عسكرية قادها بنفسه لاحتلال دولة الأحواز العربية التي ذاق الهزيمة فيها قبل ستة أشهر من احتلالها نهائياً بتاريخ 20/ 4/ 1925. ومرد هذه الاحتلالات هي الأطماع الفارسية في أراضي الغير، وكذلك خلق دولة قوية تكون بمثابة السد المنيع أمام الزحف السوفييتي تجاه المياه الدافئة في الخليج العربي حيث النفط والغاز والثروات. وفي عام 1936 تغيّرت التسمية من فارس إلى “إيران” نسبة للعرق “الآري” الذي ينحدر منه الفرس، ومنذ تاريخ الاحتلال، فشلت جميع الأنظمة المتعاقبة على سدّة الحكم فيما تسمّى بإيران في جعل أبناء الأقاليم المحتلة بأن تشعر بالانتماء إلى الدولة الإيرانية، والسبب يعود إلى تمسّك الشعوب بهويتها، وكذلك فشل الأنظمة في بناء الجسور بين الدولة المركزية في طهران وبين هذه الشعوب وتوسيع الهوّة فيما بينهما. والعنصرية والشوفينية المتجذرة في الثقافة الفارسية، وإتباع سياسة الاضطهاد القومي الحاد والحرمان والإفقار الاقتصادي ومنع الحريات الأساسية والحقوق الإنسانية والقمع الشديد، كلها عوامل أدّت إلى أن تبحث شعوب هذه الأقاليم عن السبل المؤدية إلى خلاصها من الهيمنة الفارسية، والسعي لتحقيق تطلعات شعوبها نحو الحرية والحق في تقرير المصير.