أتوقع أن يأتي يومٌ تستأثر فيه الصحفُ التي يقوم كتابها بالرد على القراء، بأكبر عددٍ من المتصفحين والمعلنين؛ لأن الأمرَ بات مختلفاً عما ألِفه المجتمع قديماً، حيث لم يكن ثمة تواصلٌ بين الكاتب والقارئ كما عليه الحال الآن في عصر ثورات التواصل الاجتماعي، الذي لم يعد معه للخبر أو المقال مذاقٌ دون مناقشته والتعليق عليه والحوار مع الكاتب بشأنه. التواصلُ بين الكاتب والقارئ؛ يحث الكاتبَ على العنايةِ باختيار مواضيعه، ومراجعة ما يكتب، فضلاً عن استفادة الكاتب من فِكر القراءِ وآرائهم، فيزداد ثقافة ومعرفة، وأعترفُ بأن معظم قرائي أكثر مني علماً وأدباً ومهارة في فن الكتابة، فلَكَم جمعت عنهم من العِلم، ولَكَم صححوا لي من الأخطاء. كانت لي تجربة قديمة، عندما نُشِرَ لي أول مقالٍ في الزميلة (الوطن) إذ كانت هي الصحفية الوحيدة التي تملك موقعاً إلكترونياً؛ الأمر الذي مكن القراء من إبداءِ آرائهم وملاحظاتهم حول ما أكتب؛ فاتصلت برئيس التحرير- وقتذاك- أستاذي القدير جمال خاشقجي، واستأذنته في أن يسمح لي بالرد على تعليقات القراء الكرام؛ فأذن لي مؤيداً الفكرة، وما إن شرعت في الرد عليهم حتى حظيت بطرح وجهات نظرهم وتصحيحهم، حاثين بقية زملائي الكتاب الكرام ليردوا على تعليقاتهم؛ إلا أن الطريف في الأمر، عندما قام ابني نزار بالتعليق على أحد مقالاتي، ثم علق بعده بفترة طويلة أخوه الأصغر سوار، وهنا كانت المفاجأة، حيث اتصل بي، الأستاذ العزيز عيسى سوادي، من نفس الصحيفة، مهدداً بقوله: «النظام لا يسمح لاثنين من أبنائك بالتعليق عليك في مقال واحد، وسنسمح فقط بنشر أحد التعليقين، وسنحذف الآخر». ثم حذف تعليق نزار، ولم يكن قد ظهر (تويتر) في ذلك الوقت، وإلا ما فعل هذا! حسناً.. هل تتوقعون نُشوبَ حربٍ أشبه بحرب البدو الرُّحل على مناطق الكلأ والماء، للاستئثار بوجهات نظر القراء وملاحظاتهم، وقد أُثير ذلك في مقالاتٍ لبعض الكتاب، من بينهم الأستاذان الكبيران: تركي الدخيل، مدير عام قناة العربية، وجاسر الجاسر، مدير عام قناة الإخبارية. ويُحسَبُ لمحبوبة القراء (الشرق) من بين كل الصحف، أنها أجرت لقاءً مطولاً مع أحد قرائها وهو الأستاذ الفاضل غرم الله الغامدي، الشهير ب (دعشوش)، وتفكر في إجراء مزيد من الالتقاء بالقراء.