قبل الضغط على زر التشغيل، يأخذك الهيام إلى مشهد التفجير ووجه الطفولة. ربَّما، رغبة في تعجيل إخراج اختناق آهكَ، أو محاباة للغصة اللاصقة بالحلق. منذ البدء، يصوِّر لك المخرج هوية المكان – بلدة القديح- بأذانها وبيوتها وبساطة البنيان ومنارة المسجد. دخول حيدر المشهد هو دخول الألم معه، دخول البراءة، ورمزية التأثير الصورية. تعدُّ دقائق الفيلم القصير مع عدِّ الطفل لخطواته، خطوات طائشة حيناً، تركل هنا وتحط هناك، وهذه صورة الطفولة المحبَّة للعب. خصوصاً حينما يمرُّ عند رسم لعبة «المحطة» المكوَّنة من مربعات وأرقام، يعود العدُّ مجدداً، العد المتزن وغير المتزن الذي يحيلنا المخرج به إلى دلالة لا نتعرف عليها إلا في نهاية الفيلم، خطوات تعلم حيدر من أمه: كلما زادت خطواتك في ذهابك إلى المسجد للصلاة، زادت حسناتك! وخطوات تعد معها عدد الشهداء! مرور حيدر ماشياً من المزارع، والبيوت البسيطة، ومؤسسة علي جاسم آل درويش التي تحمل دلالة الربط ما بين شيخ الشهداء والطفل حيدر: مسيرة تصوير حياة القرية وحياة الفلاح، وطيبة النفوس. وحينما يلتقي الطفل بالإرهابي المتنكر، تحضر قارورة الماء، وهنا الماء كرمزية عطاء، وصفاء، ومحاكاة تجديد الموقف وإيثار الحاجة. رغم ذلك تبدأ الصلاة حتى نصل إلى اللحظة المنشودة، اللحظة التي أوقفنا المخرج ما بين حيدر والإرهابي وجهاً لوجه. فعتمة، فصوت! وقفة احترام وشكر للمخرج محمد سلمان وفريق العمل.