يعد مساء الخميس، موعد الاجتماع الدوري لعائلة العلويات في بلدة القديح، جمعت الأحاديث أبناء العمومة كمال حسين العلويات ومحفوظ محمد العلويات، إلى جانب عدد من الأقارب. لكن كانت الفاجعة أن يستقبل ذوو كمال ومحفوظ ومن كان بصحبتهما نبأ استشهادهما في اليوم التالي، حينما كانا يؤديان صلاة الجمعة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب. ولما تركاه من أثر وسمعة طيّبة في نفوس الأقارب، وكل من يعرفهما، كان الحديث عنهما بعد «شقّ الأنفس، لما في الحلوق من غصّة، وفي الصدور حزن على فراقهما». وقال عبد الإله العبيدان، وهو قريب لهما، ل «الحياة»: «ما حدث أمرٌ محزن، ولكن عزاءنا الوحيد أنهما شهيدان، فارقا الحياة أثناء أداء العبادة»، لافتاً إلى أنهما «يعرفان بالسمعة الطيبة، والجميع يذكرهما بالخير». وترك الشهيد الأول كمال حسين العلويات، الذي يعمل رئيس رقباء في شعبة الاتصالات بالدفاع المدني، خلفه ثلاثة أبناء وطفلة صغيرة، لم تدخل المدرسة بعد. فيما لم يتمكّن ابنه الأكبر من زفّ خبر تخرّجه من المرحلة الثانوية، ليكمل مشواره المستقبلي، وهو على أبواب الاختبارات. رئيس الرقباء كمال أخذه الموت جراء التفجير الإرهابي، وهو يلامس سقف ال45 من العمر. فيما لم يتسن لابنه الثاني الذي يدرس في المرحلة المتوسطة أن يستعين به، في شرح بعض المناهج التعليمية، وإبداء النصائح بالاهتمام في المرحلة المقبلة، التي تمثّل أهم مراحل الدراسة. فيما فقد نادي مضر الرياضي حارس فريقه الكروي كمال، الذي دافع عن مرماه لأعوام طوال. والتحق كمال بالسلك العسكري منذ تخرجه من المرحلة الثانوية، إذ قضى في خدمة الوطن نحو 20 عاماً، بدأها بالدورة العسكرية في مدينة أبها، واستمر عمله فيها فترة زمنية، ثم سرعان ما انتقل إلى العاصمة الرياض فترة أخرى، حتى انتقل إلى مدينة الدمام. ولم يمنعه ذلك من تحمّل المسؤولية تجاه أسرته، التي تتكوّن من زوجته وأبنائه وإخوته، بعد انتقال والديه إلى رحمة الله. ويشارك الشهيد كمال، ابن عمّه محفوظ محمد العلويات الهمّ نفسه، فهو يعيل والدته وأخاه بعد وفاة والده، إذ لحقت به والدته قبل شهر من الآن. إضافة إلى زوجته وأبنائه. محفوظ ابن 42 عاماً، يعرفه سكان القديح بالتعاون والطيبة، التي شيدت بينه وبين أبنائها جسراً متيناً، جعله يتواصل معهم بشكل مستمر ودائم، ولا يتأخر في تقديم المساعدة والوقفة الصادقة حال طلب منه ذلك في أي وقت. وسيخيم الحزن على أروقة إدارة التعليم، التي تنقّل من خلالها أثناء فترة عمله مهندساً فيها. وخلّف وراءه ولدين وابنتين لن يكفوا عن السؤال عنه، وتذكّر اللحظات التي كان يجتمع معهم فيها، ويشاركهم سفرة الطعام، وكذلك الأيام التي يأخذ بأيديهم إلى نزهة للترويح عنهم، بعد المدرسة والمذاكرة.