أرجَع المرصد السوري لحقوق الإنسان انسحاب مقاتلي المعارضة من الأجزاء التي سيطروا عليها في مطار الثعلة العسكري في السويداء إلى عدة عوامل من بينها المواجهة مع مسلحين دروز، في وقتٍ تحدث أحد رموز حكومة دمشق عن أن «العاصمة لم تعد تحت التهديد» مقرَّاً بالتراجع في مناطق أخرى، بينما أدان الموفد الأممي إلى سوريا بشدَّة قتل 20 درزياً في ريف إدلب. وبعد يومٍ على اقتحامهم أجزاء من مطار الثعلة؛ انسحب مقاتلو المعارضة منها صباح أمس بعد قصف جوي كثيف ووصول تعزيزات عسكرية إلى محيطه من قِبَل قوات الدفاع الوطني الموالية للنظام. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانٍ له، بقصف الطيران الحربي أمس نقاط تمركز الفصائل المقاتلة في محيط المطار، وأكد وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين دون أن يحدد حصيلة القتلى. وفي حين لفت المرصد إلى دخول مسلحين دروز على خط المعركة؛ أقرَّ بذلك رجل الدين الدرزي في السويداء، أبو خالد شعبان. ويعد «الثعلة» من أكبر المطارات العسكرية في جنوبسوريا. وكانت «الجبهة الجنوبية»، التي تضم مجموعة فصائل مقاتلة علمانية وأخرى إسلامية، أعلنت سيطرتها عليه، مشيرةً إلى تنفيذها عمليات تمشيط داخله. وتعد السويداء «جنوب»، ذات الغالبية الدرزية، من المحافظات القليلة الخاضعة بأكملها لسيطرة الحكومة. ونفذت فصائل مسلحة عمليات محدودة في ريفها خلال عامي 2013 و2014 دون أن تتمكن من السيطرة على منطقة محددة. في سياقٍ متصل؛ دان الموفد الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، مقتل 20 قروياً من الدروز على يد أعضاء جبهة النصرة في ريف محافظة إدلب «شمال غرب». وندد دي ميستورا ب «هذه الهجمات على المدنيين بين المجتمعات السورية التي تكون في موضع الضعف الأشد خصوصاً في خضم الصراع العنيف المستمر». وحثَّ في بيانٍ له في جنيف على حماية التنوع الاجتماعي، قائلاً «يجب أن تبقى سوريا موطناً لجميع الطوائف التي عاشت وازدهرت في تلك الأرض منذ آلاف السنين». وكانت مصادر أبلغت أمس الأول عن مقتل 20 درزياً من سكان قرية قلب لوزة بعد اشتباكات مسلحة بدأت بمحاولة قيادي تونسي في جبهة النصرة مصادرة منزل أحد الدروز، قبل أن يقع تلاسن تطوَّر إلى احتجاج ثم إطلاق نار. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان؛ أسفر إطلاق النار أيضاً عن مقتل 3 من أعضاء «النصرة». ويشكل الدروز نسبة 3% من الشعب السوري البالغ تعداده قبل الحرب 23 مليوناً، وينتشرون خصوصاً في السويداء. وينقسم دروز سوريا بين غالبية موالية لبشار الأسد الذي يطرح نفسه حامياً للأقليات في مواجهة التطرف، ومتعاطفين وناشطين في «الحراك الثوري»، وآخرين بقوا على الحياد. في غضون ذلك؛ أبدى نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، ثقته في قدرة جيش النظام على تحسين أدائه خلال أيام أو أسابيع بحدٍّ أقصى، وربط تفاؤله ب «ارتفاع معنويات الجنود» وب «الدعم الخارجي» من إيران وروسيا وحزب الله اللبناني، معبِّراً عن ارتياحه لتراجع حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية التركية. وقال المقداد، في حوارٍ مع «رويترز»، إن دمشق كانت تحت تهديد مباشر لكنها لم تعد قطعاً تحت مثل هذا التهديد وهي الآن في وضع أقل خطورة، ووصف مناطق حمص وحماة والقلمون «غرب» ب «الآمنة»، مؤكداً «مررنا بمزيدٍ من الضغط في السابق». لكنه أقرَّ بإحراز المعارضة المسلحة بعض التقدُّم «سواءً أحببنا ذلك أم لا»، مُرجِعاً إياه إلى تحالف جديد عربي وغربي «أعطى دفعة قوية لهذه الجماعات». وبدا المقداد، الذي كان يتحدث من داخل مكتبه في دمشق، متفائلاً بعاملين؛ الأول ما قال إنه ازدياد في قوة ومعنويات الجيش النظامي، والثاني «ما تلقيناه وما نتلقاه من دعم من قِبَل حلفائنا سواءً الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو الاتحاد الروسي أو حزب الله»، عادّاً الأخير «حليفنا الأساسي». وتعهَّد ب «تأمين مستلزمات تحقيق الانتصار لأن الجيش ومن يدعمونه يحتاجون إلى هذه المستلزمات وهي معروفة»، مؤمّلاً تحسن أداء القوات وتقديمها مردوداً مختلفاً «في غضون أيام قليلة إن لم يكن بضعة أسابيع». وخلال الأشهر الثلاثة الماضية؛ خسر الأسد مساحات واسعة من الأراضي في شمال غرب البلاد وفي حمص لصالح فصائل «جيش الفتح» وتنظيم «داعش» الإرهابي. ويتهم النظام أنقرة بتزعُّم محاولات إسقاطه. واعتبر المقداد تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا صفعة موجَّهة إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. ودعا من سمّاها القوى التي صنعت التغيير في الانتخابات التركية إلى إعادة الزخم للعلاقات مع سوريا و»العمل على طرد المجموعات الإرهابية من تركيا وإبعادها لأنها لا تنسجم لا مع أخلاق ولا مع حضارة ولا مع تراث الشعب التركي الصديق»، حاثَّاً على «إغلاق الحدود بشكل كامل بين البلدين». في الوقت نفسه؛ طالب نائب وزير الخارجية ب «تحسين التعاون والتنسيق مع العراق لقتال تنظيم داعش»، متهماً الغرب بمنع ذلك. ورأى أن مواجهة «داعش» الذي اجتاح مساحات وقرى ومدناً ليست بقليلة في البلدين تحتاج إلى تنسيق أكثر عمقاً. وتوقَّع انعقاد اجتماعات رفيعة المستوى بين المسؤولين السوريين والعراقيين خلال الأيام القليلة المقبلة لمناقشة التنسيق من أجل التصدي للتنظيم، محذراً من ضغوط دولية قال إن واشنطن وعواصم غربية تمارسها «لمنع وجود مثل هذا التنسيق».