استهلَّ خادمُ الحرمين الشريفين الملكُ سلمان بن عبدالعزيز عهده الميمون بمشيئة الله وبتوفيقه بأوامره الملكيَّة ذات علاقاتٍ مباشرة بآمال المواطنين واحتياجاتهم فأسند -حفظه الله- وزاراتٍ لوزراء شبابٍ ذوي حيويَّةٍ وحماسةٍ لقيادة التنمية الوطنيَّة تطويراً وتغييراً ومحاربةً للفساد الإداريِّ إقصاءً وتهميشاً، كما أسندَ للجيل الثالث من أحفاد المؤسِّس -رحمه الله- أدواراً لقيادة المناطق الإداريَّة حكَّاماً إداريِّين بتعيين صاحب السموِّ الملكيِّ الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز في 9 / 4 / 1436 ه أميراً لمنطقة القصيم، أعان الله الملك ووزراءه وأمراء المناطق على ما تحمَّلوه من أمانة ومسؤوليَّة وسدَّد الله خطاهم لتحقيق آمال الوطن والمواطنين. وفي مقالتي هذه التي سيتوافق نشرُها في صحيفة «الشرق» مع اليوم الذي ستحتفي مساءً فيه محافظةُ عنيزة بصاحب السموِّ الملكيِّ الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود أميراً لمنطقة القصيم مهنئةً سموه على الثقة الملكيَّة ومواطني القصيم بأميرهم ليستكملَ مسيرة تنميتها؛ لذلك لن أسترسلَ بالاحتفاء وبالثناء فسموه أسمى منهما، فهو الحائزُ على ثقة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وأوَّلُ الجيل الثالث من أحفاد المؤسِّس يعيَّن أمير منطقة إداريَّة، وحفيد سعودٍ الملك الأول بعد المؤسِّس -رحمهم الله-، والمؤهَّلُ علميّاً بدرجة الدكتوراه المازجُ منهجيَّاً بين العلوم السياسيَّة وبين السِّياسة السعوديَّة التي اكتسبها خبراتٍ بالمعايشة وبالاطِّلاع بحثاً وقراءةً فيها، وذو الدور الفاعل نائباً لأمير منطقة القصيم. لذلك فمقالتي هذه ما هي إلّا نداءات لسموه، وهي لن تكونَ جديدةً على مسمعيه ولكنَّها آمالٌ أطلقها كنداءات وطنيَّة تتَّصلُ بالأمن باعتباره المهمَّة الأولى للحاكم الإداريِّ لمنطقة القصيم، وانطلاقاً من مقولة سموه -حفظه الله-: «قلبي مفتوح للجميع فلا تبخلوا عليَّ بالنصيحة»؛ لذلك سأطرح نداءاتي التالية: * الأمنُ الفكريُّ: اخترق الفكرُ المتطرِّفُ بعض الجهات العامة والخيرية؛ لينطلقَ الإرهابُ داخليّاً، ويتجاوزَ بعد ذلك حدود الوطن بعدما تصدَّى له مواطنوه ورجال أمنه ليصل لساحات الصراعات الدوليَّة، وأحسب أنَّ محاصرته فكريّاً وأمنيّاً نداءٌ للوطنِ ومتطلَّب آنيٌّ للمواطن. * الأمنُ الاجتماعيُّ: تعاني شرائحُ من المجتمع انتهاكاً لحقوقها في محيطها الأسريِّ والاجتماعيِّ، فالأيتام والمعنَّفون أسريّاً ومدرسيّاً، والمطلَّقات المحال دون حضانتهنَّ لأولادهنَّ انتقاماً، والمعضولات من آبائهنَّ، والعقوق، والأطفالُ في سنِّ الدراسة المحرومون منها لظروفهم الأسريَّة أو لعدم استخراج أوراقهم الثبوتيَّة يناشدون الوطنَ حمايةً وإنصافاً وعدالة، فأولئك قد يشكِّلون بؤراً لصناعة الإرهاب والجريمة انتقاماً من وطنٍ لم يحمهم. * الأمنُ المائيُّ: الإسراف في استخراج المياه الجوفيَّة العميقة لزراعة القمح والأعلاف والنخيل ينذر بكارثة مائيَّة تلوح في الأفق، وما الصراعاتُ بين المحافظات حول مكامنها إلّا إرهاصات لذلك، فمحاولة تنفيذ مشروع المياه لمحافظتي البدائع والرَّس في حمى الغضا بمحافظة عنيزة فالخلافات بين المحافظات تنذر بالعودة لما دار بين القبائل حول موارد المياه قبل توحيد الوطن. * الأمنُ المروريُّ: تدور في شوارعنا رحى حربٍ مروريَّة جنودها المستهترون بأرواح النَّاس سرعةً وقطعاً للإشارات المروريَّة، حرب تجاوزت بأعداد ضحاياها الحروبَ الحقيقيَّة، فالحزم في تطبيق النظام المروريِّ الرادع لأولئك نداءٌ ومطلب آنيٌّ. * الأمنُ الإداريُّ: يعاني الوطنُ فساداً إداريّاً جرَّ لفسادٍ ماليٍّ، فإقصاء الكفاءات وتهميش المؤهَّلين ممَّن يتخوَّفون من كشفهم، أوصل فاسدين إداريّاً وماليّاً لإدارة معظم إدارات الوطن ومؤسَّساته الحكوميَّة، والمهمَّشون قدراتٌ معطَّلة عن خدمة الوطن، ويُخشى من ردود أفعال بعضهم ممَّن يسهل تجنيدهم من أصحاب الفكر المتطرِّف. * الأمن الغذائيُّ: أرهق المواطنون من ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى بجشع تجَّار المواد الغذائيَّة وباستغلال باعتهم، وبتصريفهم لمواد منتهية صلاحيَّتها للاستهلاك الآدمي، وباستهتارٍ بجودة غذائهم وسلامته في المطاعم والمخابز لدرجة التسمُّم ونشر الأمراض الوبائيَّة؛ وباستخدام المزارعين وعمالتهم المبيدات لرشِّ خضراواتهم وجنيها في فترة التحريم، وباستخدام الأسمدة الكيماويَّة وبخاصَّة الأمونياك لتخصيب مزارعهم فتلوَّثت بها المياه الجوفيَّة العميقة. * الأمنُ البيئيُّ: يسيئون للبيئة فيلوِّثون الهواء والماء والتربة بحرق مخلَّفات مزارعهم ومصانعهم، وباستخدامهم الأسمدة الكيماويَّة ومبيداتٍ محرَّمة دوليّاً، وبالرعي وبالاحتطاب الجائرَين ناظرِين لمكتسباتهم ومصروفاتهم، أمَّا الأنظمة والمصلحة العامَّة فلا يأبهون بها إطلاقاً. * الأمنُ الصحيُّ: تنتشر فيروسات إنفلونزا الطيور والخنازير وكورونا، وتروَّج المخدِّرات والمنشِّطات والمسكرات، ويعبثُ المشعوذون ومدَّعو العلاج الشعبيِّ والرقيةِ بالصحَّة العامَّة، وكلُّ ذلك يمسُّ أمن المواطن الصحِّيِّ. فالأمنَ الأمنَ يا أمير منطقة القصيم، فمواطنوها ينتظرون من سموِّكم وقفات لدعم أمنهم بكلِّ مستوياته ودوائره، ينتظرون تفعيل الأنظمة والرقابة الحكوميَّة، وسموُّكم بإذنه تعالى قادرٌ على ذلك وعلى ردع المستهترين بأمنهم وبالنظام، أعانكم الله وسدَّد خطاكم.