في حين يشكو سكان غرب مدينة نجران من اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي "البيارات"، بسبب وجود مستنقعات جوفية ظهرت على سطح الأرض في منتصف الوادي، اعترفت مديرية المياه باحتمالية تلوث مياه الشرب بمياه المجاري في أعلى وادي نجران عند ارتفاع مستويات المياه الجوفية. وأبدى عدد من الأهالي تخوفهم من نتائج عودة ارتفاع منسوب المياه الجوفية على سطح الوادي والتي بدأت في الظهور على شكل مستنقعات مائية تحتضن البعوض والحشرات الناقلة للأمراض في ظل قلة الأمطار في الفترة الأخيرة، مرجعين السبب إلى مشروع السد الأرضي الذي تنفذه مديرية المياه بالمنطقة بعمق 50 مترا، والذي أدى إلى حبس المياه ومنعها من الوصول إلى شرق نجران التي تعاني من الجفاف، حيث إن المياه ظهرت بعد البدء في مشروع السد. ورصدت جولة "الوطن" الميدانية في الموقع وجود مستنقعات إلى الغرب مباشرة من كوبري السلسلة في منتصف مجرى الوادي، إذ إن الموقع يقع في الوسط وإلى الشمال منه حي الموفجة، وإلى الجنوب زور وادعة، كما يوجد إلى الشرق من المستنقعات وعلى مسافة لا تتجاوز 1.75 كلم حقل آبار تابع لوزارة المياه مما يسهل انتقال الملوثات سواء سموم المبيدات الكيميائية أو مياه البيارات لتصل إلى آبار الشرب التابعة لوزارة المياه. وبحسب المواطنين، فإن الموقع يتميز بسرعة انتقال مياه السيول إلى الآبار، مؤكدين تلوث مياه الآبار القريبة في ظل عدم تحرك الجهات المسؤولة. وأكد المواطن علي محمد الكنفري، أحد سكان غرب نجران، تضررهم من اختلاط المياه الجوفية بالبيارات، وأنه سبق التقدم بشكوى لأمير المنطقة السابق أحيلت لمديرية المياه برقم 16965 في 8 /6 /1428، وشكوى أخرى لوزير المياه أحيلت أيضا لمديرية المياه برقم 5137/1 في 23 /5 /1428 إلا أن أحدا لم يقف على الشكوى للاطمئنان على سلامة المياه الجوفية التي تستخدم في الحياة اليومية. وأضاف المواطن أحمد فرعان، أن تلوث مياه الشرب لديهم أضحى أمرا مألوفا منذ عدة سنوات، مطالبا بإنشاء مشروع صرف صحي يخدم الأحياء المجاورة للوادي ويحد من مشاكل التلوث. وأشار إلى أن لحوم الأغنام لم تعد صالحة للأكل، وتهدد صحة الإنسان بسبب تغذيتها من مياه ملوثه سواء في الأكل أو الشرب. من جانبه، أوضح مدير عام المياه بنجران المهندس صالح مصطفى هشلان، أن تشبع الأرض في مجرى الوادي ناتج عن ارتفاع منسوب المياه في الموقع، آملاً أن يستمر ذلك، مؤكدا تولي أمانة المنطقة ممثلة في صحة البيئة والمديرية العامة للزراعة رش المستنقعات للتخلص من البعوض والحشرات الضارة، الأمر الذي يقلل أي خطورة لمثل هذه البرك خصوصا أنها في مجرى الوادي. وعن تخوف الأهالي من تأثر المياه الجوفية بالتلوث الكيميائي نتيجة مبيدات وزارة الصحة الموكل إليها مكافحة نواقل الأمراض، بين هشلان أن المياه الجوفية في مجرى الوادي بمنأى عن أي تأثير سلبي لجميع الفعاليات، التي تقوم بها وزارة الصحة، مؤكدا أن هناك مخاوف من الاستخدام الجائر للأسمدة الكيميائية، خصوصا "اليوريا" في أعلى الوادي. وقال: نظرا لانخفاض مستويات المياه الجوفية في مجرى الوادي فإن التأثير يكون طفيفا جدا. فيما اعترف بإمكانية تلوث مياه الشرب بمياه المجاري في أعلى الوادي، لكنه أكد تلاشي الخطر نظرا لقلة السكان في الأجزاء القريبة من المدينة مقارنة مع كمية المياه الكبيرة التي تجري في الوادي والغسيل الطبيعي الذي يحدث عند كل سيل يجري في بطن الوادي. وأشار إلى العمل على تصميم مشروع متكامل للصرف الصحي لجميع المواقع غرب مدينة نجران وأن يجري تنفيذ خطوط النقل الرئيسية لمياه الصرف الصحي بدءا من بوابة السد وحتى شرق الرويكبة. وحول الإجراءات المتبعة التي تضمن عدم تلوث مياه نجران الجوفية بالكامل، أوضح هشلان أنه يجري تنفيذ شبكات صرف صحي لذلك، مشيرا إلى أنه تم تشغيل شبكات شرب في كل من زور وادعة والموفجة وزور آل الحارث، ويجري الإعداد لتشغيل شبكات الصفاء والغيضة وشعب بران وزور العماري. وأشار هشلان، إلى أنه سيتم تنفيذ أنابيب نقل مياه الصرف الصحي من أعلى الوادي وحتى شرق المدينة بطرق علمية آمنة، تعمل على نقل جميع منتجات شبكات الصرف الصحي إلى محطات المعالجة شرق مدينة نجران حتى لا يحدث أي تلوث. من جهته، أكد الناطق الإعلامي لصحة نجران خالد جار الله آل بلابل، أن وزارة الصحة على علم تام بتلك المستنقعات وهي تحت الفحص المستمر، ويتم التعامل معها حسب الطريقة الصحيحة والمعمول بها للعلاج أسبوعيا مع الرش بالمبيدات المناسبة في حال وجود "القواقع- اليرقات" الناقلة للملاريا والبلهارسيا، نافيا في الوقت ذاته تسجيل أي حالة ملاريا أو بلهارسيا غرب نجران منذ أكثر من خمس سنوات تقريبا.