أصبحت ثقافة المجتمع السعودي والخليجي في الفترة الأخيرة لا تتعدى ثقافة «الواتساب»، وذلك لضعف حضور بعض القنوات الثقافية بين أوساط الناس التي كانت سابقاً مصدراً لتثقيف المجتمع، حيث أصبحت محتكرة لأشخاص معينين، إضافة إلى هوس حب الكرسي والمنصب الذي أشغلهم عن مهامهم الأساسية، مما جعل الواتساب ينتشر بقوة كبديل، فإن أي خبر أو موضوع أو فضيحة أو فيديو أو معلومات طبية وصحية أو دينية مصدرها الأول ومرجعها الأساس هو الواتساب، فما يُرسَل يَرَى الجميع أنه معلومة صحيحة 100% وممنوع تكذيبها. استغل بعضهم عشق وهوس الناس بهذا الأمر فأصبح يتطاول على العلماء بعبارات لم يقولوها، وأيضاً الإساءة لبعض الشركات أو الأشخاص بعبارات تختتم بالحلف والقسم حتى يصدقها القارئ، ولا ننسى دور الفوتوشوب في هذا الأمر، فيمكن لأي شخص التلاعب في الصورة حتى يفتعل الشائعات ويؤذي الناس. لم يعد الواتساب في الفترة الأخيرة أداة رسائل وتواصل فقط، بل أداة دمار وفساد وانتشار للشائعات، وهو الأمر الذي تُهدم به المجتمعات، والمشكلة أن هذه الرسائل تنتشر بسرعة فائقة بين الناس، والجميع يتنافس فيمن يرسل رسائل وفيديوهات أكثر وكأننا في سباق، لدرجة أنه أصبح أمراً مزعجاً لدى بعضهم من كثرة ما يصله من رسائل. هذا غير أن بعضهم يسرد أحداثه اليومية عبر الواتساب وبالصورة والحالة، عندما يتزوج يضع زواجه وموعده، عندما يحزن يضع عبارات حزينة، حتى عندما يعزم زوجته على مطعم يُعلم الناس جميعهم بأنه عزمها، عندما تذهب للسوق تكتب أنها تتسوق، وحتى السفر وغيرها من الأحداث التي قد أصف الاهتمام بنشرها بأنه قلة إدراك وصغر في العقل واهتمام بأمور تافهة لا ترفع شأن أحد، فهناك أمور أهم من تلك الاهتمامات التي يخجل القارئ أن يقرأها، أو يقرأها وهو يضحك في داخله على عقلية وضحالة تفكير مرسلها. همسة: نريد أن نرتقي بهذه الخدمة لما هو أفضل، فبيدنا أن نجعلها نقمة وبيدنا أن نجعلها نعمة.