يُقال «ضع عشر رصاصات في سلاحك.. واحدة للعدو وتسع رصاصات للخونة»!! صديقي العدو أو عدوي الصديق.. لا يهم فالمعنى واحد، حيث تظل تحمل في داخلك نوعا من الحقد تجاهي.. وعندما أعلم وأدرك ذلك الحقد فأنت تكون صادقاً، لذا سأربط علاقتي بك بالصداقة رغم أنها سلبية. لا أظن أن فكرتي معقدة.. بكل بساطة أنا أحاول بيان علاقتي بأعدائي بطريقة موضوعية.. ليس للهدنة أو للتصالح إنما لفهم واقع تلك العلاقة لأنهم يستحقون التأمل.. نعم أعدائي وأعداؤكم يستحقون أن نمد لهم نوعاً من التسامح حتى لو كان عن بعد فقط لإنسانيتهم الرائعة، لأن العداء الأكبر هو للخونة. مصيبة الخونة أنهم يكونون حولك.. حول معيشتك وجلساتك ويرسمون ابتسامة الحب والتودد.. يمارسون دور المهتم والمقرب وهم يدرسون من أي باب يقصفونك ومن أي ثغرة ينهون عزائمك.. لذا فإنك لا تتنبأ بهجماتهم ولا تعرف متى سيكشرون عن أنيابهم تجاهك. يكثر في زمننا المتلونون والذين لا تستطيع تفكيك رموز أخلاقهم.. ينامون ليلاً وهم ينشغلون بما سيصيبك ويصبحون وهم أمامك كطيور السلام.. خفاؤهم الذي يمارسونه وتضليلهم هو مكنون لا أخلاقي تربوا عليه أو شعور غير إنساني استحوذ على دواخلهم.. لذا فقد تجدهم يبحثون عن ما يشفي تلك الخصلة. لا أجد وصفاً معيناً يمكن أن أصف به جرم الخائن.. ليس لأنه قام بفعل مشين فقط بل لأن تصويبه لم يكن متوقعاً وهو ما يثير الارتباك أكثر.. ويسبب نوعاً من الخسائر النفسية لأنه سيفقدنا نوعاً من الثقة تجاه من حولنا.. قد نحتاج لوقت طويل حتى نعيد ما فقدناه وقد لا نستطيع. في كثير من الدول تجد أن السياسيين يحاولون البحث عن الخونة أكثر من محاولة البحث عن أساليب أعدائهم.. فقد يكون الأعداء يملكون القوة والعتاد إلا أن حجم قوتهم معروف ومدروس لكن الخونة لا تستطيع أن تتنبأ بأعمالهم ولا تدرك حجم قوتهم.. أيضاً هم إحدى القوى العاملة في إضعافك وتسهيل تغلل أعدائك بين ظهرانيك. سألوا هتلر من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك قال (هم من ساعدوني على احتلال أوطانهم)، فرغم أنهم مدوا يد العون له إلا أنه نعتهم بالتحقير لأنه يعرف فظاعة فعلتهم، كذلك أذكر الجنرال الأمريكي (بينيديكت آرنولد) الذي ساهم في إشعال فتيل الثورة الأمريكية إلى أن غير ولاءه لوطنه وأصبح عميلاً للبريطانيين، حيث قام بتهيئة نيويورك لدخول القوات البريطانية فيها أثناء الثورة الأمريكية إلا أن محاولته باءت بالفشل واضطر أن يهرب إلى بريطانيا التي بدورها لم ترحب به رغم ولائه، لكونه شخصاً ليس أهلاً للثقة لأن من يبيع وطنه لن يكون مخلصاً لأحد. ما كان كلامي عن شكر الأعداء أو إعطائهم نوعاً من التسامح كلاماً للاستهزاء.. بل لأني أدركت أن شرهم أهون وأعمالهم أكثر إنسانية وتعاملهم أكثر رقُياً من الخونة المتلونين. قال تشي جيفارا: «مثل من باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه»