ينص القانون الثالث للعالم إسحاق نيوتن على أن لكل فعل ردة فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، تلك العبارة المنطقية والواقعية كتحليل منطقي لواقع الحراك الطبيعي على سطح الأرض كانت سبباً في النقلة العلمية والثورة التكنولوجية التي نعيش مخرجاتها اليوم. عندما ارتجلت وزارة الشؤون الاجتماعية الغرامة المالية والسجن كعقوبات للحد من العنف الأسري الذي تتعرض له النساء من رجالهن، وهي خطوة يشكرون عليها ظننت أنها ستعالج الموضوع من جذوره، في حين أنها ستزيد الأمر سوءاً وتثير حراكاً أسرياً سلبياً في استحداث واستحضار مشكلات جديدة وغائبة عن الحراك الأسري، نحن في غنى عنها، والتي ستثير حوارات وجدالات بين الزوجين قد تثير غضب الزوج وتثير رجولته الأمر الذي يخلق ردة فعل عكسية، ستصل إلى الضرب والتعنيف، ثم إذا ضرب الرجل زوجته واشتكته لتطبيق عقوبة الضرب على الزوج، هل ستعود إليه، أو يعود إليها!؟، وإذا عادا لبيت الزوجية كيف سيكون حال حياتهم!!؟ فتلك العقوبات ما هي إلا علاج سطحي لجرح عميق، ولن تزيد الأمر إلا سوءاً ولن تزيد الأسر إلا تفككاً، فكيف نعالج الفعل ونغفل عن أسبابه، التي تسببت في ردة الفعل المؤدية للفعل ذاته. علينا التفكير في الموضوع بواقعية ومنطقية للوصول إلى حل جذري لهذا العنف الذي عانت منه الأسرة السعودية منذ فترة طويلة. فواقع الحياة والأحداث اليومية لمجتمعنا إضافة إلى الطبيعة الهرمونية والمتناقضات الفسيولوجية والسيكولوجية للإنسان لها رأي آخر. حيث تجري الأحداث اليومية للحراك الأسري في مجتمعنا بأشكال مختلفة تحددها عوامل كثيرة حسب ظروف الأسرة السعودية، وطبيعة أفرادها وفسيولوجيا الإنسان وسيكولوجية البشر فيها. لم يأت الرجل من مقر عمله إلى منزله كي يضرب زوجته أو إحدى محارمه باطلاً، أو دون أي سبب، ومن هنا يبدأ العلاج في خطوات مرحلية استقصائية تبحث في توعية الأسر والزوجات في كيفية التعامل مع الرجل الطبيعي، وهنا أكرر الرجل الطبيعي واحتوائه. لكل فعل ردة فعل، وبناء على هذه النظرية النفسية علينا معرفة ردة الفعل التي أدت بالرجل إلى التهور وعدم قدرته على امتلاك أعصابه والسيطرة عليها مما أدّى به للضرب، حسب الطبيعة الهرمونية والبشرية لسيكولوجيا الإنسان. فلو كانت الغرامة عقاباً يهدف إلى الحد من العنف الأسري، لما حدثت قضايا القتل مثلا كونها الجرم الأعظم وكون القصاص فيها العقوبة التي يخشاها الناس. فرغم معرفة القاتل بعقوبة القتل ومع ذلك قام بالقتل، رغم علمه المسبق بعقوبة القتل، كردة فعل لسلوك معين فقد فيه السيطرة على نفسه وساعدته الطبيعة البشرية لسيكولوجية البشر وأنثروبولوجيا الإنسان، وهنا أود أن أشير إلى أمر مهم، ليس تشجيعاً على القتل ولا تأييداً للضرب أو العنف. ولكن للتوضيح بأن معرفة العقوبة والعقوبة ذاتها لموضوع العنف ليست حلاً جذرياً، فهناك خطوات أخرى يجب أن تتخذ كخطوات أساسية منها معرفة تفاصيل الحدث ودراسة مسبباته، والبحث والاستقصاء في طبيعة الأسر وظروفها الحياتية والمعيشية والتربوية والتعليمية والصحية والفسيولوجية والفكرية والثقافية وسيكولوجية أفرادها، ومن ثم التوعية بأهمية العلاقات الأسرية وحيثيات التعامل كونها المسبب الأول لردود أفعال البشر في العلاقات الأسرية تمهيداً للعلاج في وضع الأنظمة الصارمة والعقوبات المناسبة التي يجب أن تتماهى مع مسببات الحدث الذي أدى للضرب والتعنيف.