كشفت دراسة حديثة أجراها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية بعنوان «العنف الأسري بين المواجهة والتستر»، أن الأزواج وإن كانوا يمارسون العنف ضد زوجاتهم وأبنائهم إلا أنهم قد يتعرضون لعنف أشد من أهل الزوجة، وبخاصة من إخوانها الذكور الذين غالبا ما ينتقمون لأخواتهم إذا ما بدت على جسدها آثار العنف. وتوضح المقابلات التي أجراها الباحثون مع ضحايا العنف الأسري أن 57 في المائة من الأزواج الذين أجريت مقابلات معهم قد تعرضوا للضرب من إخوة زوجاتهم. ويذهب بعضهم إلى أن الأذى الذي ألحق بالفرد منهم كان ضعف ذلك الذي ألحقه بزوجته. ووفقا للدراسة، فإن هذا العنف الذي يرمي إلى الثأر من الزوج الذي أراد أن يبرهن على رجولته بسوء معاملته لزوجته غالبا ما يكون من مقدمات الطلاق ولا يتم اللجوء إليه إلا بعد أن يتجاوز الزوج حد التعامل الإنساني مع زوجته. ورصدت الدراسة أن الأزواج الذين تعرضوا للعنف من إخوة زوجاتهم ينتمون إلى الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما، أي أنهم جميعا في سن الشباب وقد نالهم الأذى من شبان في مثل أعمارهم أو أصغر منهم بقليل. وأبان البحث أن هناك فئة أخرى من الأزواج يشكلون 33 في المائة من الأفراد الذين أجريت معهم المقابلات، تعرضوا للعنف الجسدي من أبناء زوجاتهم وذلك بالاشتراك مع أمهاتهم، حيث كان الأبناء والبنات وخاصة من تجاوزوا سن المراهقة يتدخلون لمنع الزوج من مواصلة اعتدائه على أمهم ويتطور الأمر في بعض الأحيان إلى الرد على اعتداء الزوج باعتداء مثله. وتنتمي الفئة الأخيرة من الأزواج إلى المرحلة العمرية من 40 إلى 49 عاما، وقد لحقهم الضرر من أبناء وبنات زوجاتهم رغم أنهم قد تربوا على أيديهم. وتشير الدراسة إلى أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء الأزواج أنهم كانوا يعيشون مع الزوجة في بيتها وبيت أولادها، الأمر الذي يجعل الأولاد ينظرون إلى زوج أمهم على أنه دخيل عليهم مهما طالت إقامته معهم. ويكشف البحث أن 10 في المائة ممن أجريت معهم المقابلات من الأزواج والذين ينتمون للفئة العمرية من 50 إلى 59 عاما، تعرضوا للعنف اللفظي والاقتصادي من أبنائهم، حيث يسعى الأبناء إلى وضع أيديهم على ممتلكات الأب وإقناعه بالحياة في بيت للمسنين ويوجهون الإهانات له لرفضه تحقيق ما يسعون إليه. أنواع العنف وأوضحت الدراسة أن الأزواج يتعرضون لأنواع متعددة من العنف، ويعد الجسدي الذي يصل إلى حد الإيذاء المسبب للجروح والكدمات في مقدمة أنواع العنف التي يتعرض لها أولئك الأفراد. ويحتل العنف اللفظي المرتبة الثانية ويأتي العنف الاقتصادي المتمثل في الطرد من المنزل والاستيلاء على ممتلكات الزوج في المرتبة الثالثة. سبب العنف يشير المعنفون إلى أن تعرضهم للعنف يرجع إلى عدة أسباب، ويأتي في مقدمتها الثأر للزوجة التي لحقها الأذى من ممارسة العنف عليها. وهو وفقا للدراسة ما قد يفسره إخوة الزوجة على أنه محاولة للحفاظ على كرامتها وعلى كرامة الأسرة، وعلى أنه ردع للزوج حتى لا يستمر في ممارسة العنف على زوجته. والمثير للدهشة، بحسب الباحثين، أن بعض الأزواج لم يلقوا اللوم على إخوة زوجاتهم ورأوا في ممارسة العنف عليهم رد فعل طبيعيا لما لحق الزوجة من أذى جسدي. ويعزو الأزواج الذين تعرضوا للعنف من أبناء زوجاتهم السبب إلى سوء تربية هؤلاء الأبناء وبعدم شعورهم نحوهم بالأبوة ويتهمونهم بالجحود ونكران الجميل وعدم العرفان بما قاموا به من جهد في تربيتهم وهم صغار. ويفسره بعضهم بأنه رد فعل لاحتلالهم مكانة الأب المتوفى ولاستيلائهم على جزء من ممتلكاته وللغيرة من الأبناء على أمهم وخاصة بعد أن يكبر الأبناء ويفهمون طبيعة الحياة الزوجية ويرون أمهم مع رجل آخر غير أبيهم وإن كان زوجها. وتبين الدراسة أنه لا يجد نصف عدد الأزواج، الذين أجريت معهم المقابلات، أي مبرر لممارسة العنف عليهم فهم يمارسون حقهم في تأديب الزوجة ومن الطبيعي من وجهة نظرهم أن يقوم الزوج بضرب زوجته. أما الأزواج كبار السن، فقد فسروا العنف الذي وقع عليهم من أبنائهم بأنه نوع من العقوق الذي سوف يعاقبهم الله عليه. ورأوا أن سعي الأبناء في الاستيلاء على أموالهم تعبير واضح عن رغبتهم في أن يرثوهم وهم على قيد الحياة.