أحد عشر عاما على سقوط نظام العراق السابق تكاد تكتمل، ثماني سنوات منها تحت حكم نوري المالكي رئيس الوزراء الذي سعى لأن يثبت نفسه ديكتاتورا ووكيلا لطهرانوواشنطن في حكم البلاد وإدارة أزماتها التي أوجدها الاحتلال الأمريكي، ومن ثم السيطرة الإيرانية على هذا البلد الذي يكاد يكون فقد سيادته بشكل كامل، وبات حاكم بغداد ليس أكثر من ممثل لخامنئي في العراق. الفساد السياسي والمالي والأزمات الاقتصادية والصراعات الطائفية والإثنية والسياسية والعشائرية مازالت تتفاقم في هذا البلد، كما تحولت كثير من مناطقه إلى ساحات قتال وبات منبعا ومَصدرا للإرهاب، وأصبح مهددا بالتقسيم. كل شيء متحرك في الداخل العراقي، لكن الثابت هو استمرار القادة السياسيين الذين أوصلوا العراق إلى ما وصل إليه في مواقعهم ذاتها، تاركين قيادة البلد لإيران وأمريكا. تنصيب نوري المالكي رئيسا للوزراء رغم فوز منافسه إياد علاوي في الانتخابات الماضية قبل أربع سنوات كان نتيجة الضغوط المباشرة على الشخصيات السياسية والتدخل الأمريكي الإيراني في إعادة صياغة التحالفات البرلمانية والسياسية. واليوم يأتي التدخل الأمريكي الإيراني قبل الانتخابات البرلمانية في إبريل المقبل لتلافي المأزق السابق بفوز القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، والاتفاق على رئيس وزراء جديد للعراق يضمن استمرار سياسة المالكي في خدمة المصالح الأمريكية الإيرانية المتقاطعة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم وتنفيذ الأجندات الموكلة إليه. رجل المهمات الخطرة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، التقى في بغداد مع مسؤول الملف العراقي في الخارجية الأمريكية بريت ماكجورك، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع نوري المالكي وحكام طهران من أجل رسم معالم الانتخابات البرلمانية المقبلة وخريطة تحالفاتها وتحديد رئيس وزراء العراق المقبل بما يتناسب مع التطورات الداخلية والإقليمية بعد أن بات استمرار المالكي في الحكم شبه مستحيل، بسبب رفض بعض المرجعيات المؤثرة في الشارع العراقي له وفشله في تقديم أي شيء للعراقيين وخاصة فيما يتصل بالوضع المعيشي والأمني ولو على سبيل الترضية والتغطية عن الدور المنوط به. فهل ينجح أبناء العراق وقادته الوطنيون بانتزاع بلدهم من عبث حكام طهران وممثل واشنطن في بغداد؟ سؤال ستكون الإجابة عليه في إبريل المقبل.