حين بدأت الأحزاب العراقية في صياغة الدستور العراقي بعد طيران صدام وقف الجعفري المتدين فبدأ خطبته بالصلاة على النبي وآل بيته واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم فحصلت مشكلة مع اليزيديين هم غير الزيديين في اليمن ولكن لماذا؟ هم طائفة موجودون في جبل سنجار الممتد بين العراق وسوريا تعبد الشيطان وتسميه طاووساً، ولا يتجرأ أمامهم أحد على لعن الشيطان، وتعتبره الطائفة مستخلفاً في حكم الأرض لمدة عشرة آلاف سنة ما زالت سارية المفعول، ولا تستخدم مفردات لفظة الشيطان في النطق خوفاً من غضبه فلا تلفظ (مشط وشاط وطشت وشاخط وشط وشريط وشباط؟ وربما شاخت الألماني؟) وتعف عن أكل الملوخيا والباميا والخس واللهنا (الملفوف القرنبيط!)، ولا تلبس الأزرق، وتتطير من استعمال اللون الأزرق في أي استخدام، وتقدس الحية؛ فهي التي حمت طوفان النبي نوح عليه السلام عندما اصطدم بتيتانيك قديم؛ فانثقبت السفينة؛ فكورت الحية نفسها في الثقب؛ فحمتها من الغرق في موج كالجبال، ولا تتزوج في نيسان فمن حملت في الربيع أنجبت أبلهاً، وفي ليلة العرس يجب أن يضرب الرجل زوجته بحجر دليلاً على الفحولة؟!. كما يحتفلون بيوم ميلاد يزيد بن معاوية ويوم تتويجه، ويحجون إلى قبر عدي الأموي مؤسس الحركة؛ فالحركة أخذت اسمها من ابن معاوية يزيد، في أعجب اتفاق، وأكثره مدعاة للتحليل، عن سخرية التاريخ، ونشوء الدعوات، وولادة الحركات السياسية. فهذه هي أرض العراق أرض السندباد البحري، وقصص ألف ليلة وليلة. ومما يروى عنهم من الأعاجيب قصة الدوائر اليزيدية، فإذا طوق اليزيدي بدائرة ترسم على الأرض حوله انحبس فيها؛ فلا يفتك منها إلا من آخر خارج الحلقة، يأتي فيكسر الإشارة المرسومة على التراب. هذا المثال قد يكون عجيباً لنا، ولكن هل يمكن أن نتصور أن كل ثقافة أسيرة لدوائر من هذا النوع، بفارق أنها غير مرئية للمنتسبين إليها، فكل ثقافة تشكل عمى لونياً خاصاً بها، ومعظم الناس هم يزيديون من نوع مختلف. وكل ثقافة تضحك على الأخرى أنها بلهاء عمياء.. تعجب الإنكليزي من الصيني، وهو يضع صحن الطعام عند قبر الميت، فسأله متعجباً وهل الميت جائع فيأكل؟ أجابه الصيني ببرود: وهل ميتكم يشم رائحة الزهور التي تنصبونها فوق قبره؟ هل يمكن تصور فكرة الممكن والمستحيل من وسط الثقافة اليزيدية؛ فليس أنفع من الأمثال الفاقعة، ولو كانت حرية الرأي متاحة تماماً لرأينا من يأتي فيدافع عن الشيطان. وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً. من يعبد الشيطان يجب أن يدافع عنه. ولا يقوم المجرم بجريمته قط وهو يظن أنه مخطئ. المجرمون يلقى القبض عليهم فيحبسون، والمجانين يرسو مصيرهم في المصحات العقلية، ولكن أفظع جرائم القرون يقوم بها السياسيون فيخلدون وتنصب لهم التماثيل، عبرة عبر القرون لمن يعتبر في صورة مقلوبة جداً.