سنوياً، كلما ضاقت الدائرة بترشيحات البوكر، انفلتت أصوات المرشحين بالتصريحات النارية التي أجدها حقيقية وكاشفة عن مدى تأثير السياسي على الأدبي حتى وإن جاءت متأخرة. ربما جلّها ينطلق حسرةً على تفويت الكعكة البوكرية، ولكن بعضها له اعتباره الذي لابدّ من الاعتناء به، فما صرحت به –على سبيل المثال- بدرية البشر بعد خروج روايتها «غراميات شارع الأعشى» من القائمة القصيرة، مشيرةً إلى عدم معرفتها ببعض الأسماء المحكّمة (عبدالله إبراهيم)، ولعدم اهتمام بعضهم بقراءة المنجز الروائي العربي (سعد البازعي) يأتي من باب الدفاع عن حقها في الفوز أمام تجارب ترى البشر، ويرى بعض المهتمين أنها أكثر أهمية من تلك التي دفعت دفعاً باتجاه الترشيح الأخير. الأمر الذي يقودنا إلى سؤال مشروع حول مدى تسييس الجائزة، وعن نزاهة لجنة التحكيم، ومدى قدرتهم على التعامل مع المتسابقين بواقعٍ أدبي، لا بواقع سياسي، أو مناطقي. دعونا نضع الاحتمالات على الطاولة ونتساءل بصوت عالٍ: هل ستكون البوكر على ما هي عليه الآن لو أنها كانت في العراق أو في الكويت أو في مصر أو في سوريا؟ الإجابة لا تحتاج إلى تفكير طويل، فالمؤسسات الثقافية العربية، وخصوصاً الخليجية، مرهونة بسياسة بلدانها. هذه النتيجة ستقودنا إلى تصوّر مقدار ثقل المعايير السياسية والاجتماعية التي يجب أن يخضع لها المحكّمون بمرارةٍ شديدة شاؤوا أم أبوا! قبل مدة، تسنّت لي الفرصة أن أتناول عشائي في إحدى العواصم العربية مع أحد الأصدقاء، وكان -سنتها- ضمن لجنة التحكيم، وأخذنا الحديث دون قصد ناحية هذه الأسئلة، فسألته بشكل مباشر «على المستوى الأخلاقي، هل الجائزة نزيهة؟». أجابني بتردّد بعد أن أكّد أن الكلام ليس للنشر باسمه قائلاً «الأمر ليس كما يبدو، وإحنا بدنا ناكل عيش»!