انطلقت جائزة البوكر للرواية العربية منذ عام 2007 م وهي منذ انطلاقتها تثير الخلاف بين المبدعين والمثقفين حول معايير اختيار الفائزين بها وحول لجان التحكيم التي يرى البعض أنها لا تختار بعناية .. والجائزة التي تعنى بتكريم ست روايات عربية ضمن قائمتها القصيرة وفائز واحد من هذه القائمة كل عام تطرح سؤالا كبيرا عن مدى تعبيرها عن واقع الرواية العربية وهل الروايات الست التي ترشح للجائزة في مرحلتها الأخيرة بالفعل أفضل الروايات العربية التي تقدم إليها؟. حول هذا الموضوع يدور رحى حديث العديد من النقاد ورجال الأدب في استطلاعنا : ليست الأفضل يقول الدكتور حسين المناصرة :» لا يمكن لأية جائزة مهما كانت أهدافها أو رسالتها أو مصداقيتها. أن تعبر عن واقع الرواية العربية المتنوع والمتداخل، بحيث نجد روائيين كثيرين لا يفضلون أن تكون رواياتهم ضمن هذه الجائزة أو غيرها؛ ربما لإحساسهم بأن كثيرًا من الجوائز العربية والعالمية، يكون لها أهداف معينة في منحها ، بحيث يمكن – على سبيل المثال- أن توضع جائزة على قياس عمل إبداعي معين ، أو أن تكون الجائزة حالة من حالات التوزيع المناطقية .. طبعًا هذا لا يقلل من أهمية النصوص التي تفوز بجوائز معينة ، وإن كان زمن البراءة –عمومًا- قد ولّى في كثير من الجوائز . و هذا الحديث - بكل تأكيد- لا يقال في سياق جائزة البوكر فحسب ، وإنما يقال في مستوى الجوائز عمومًا!!» و يضيف : « لا يمكن أن نعد الروايات الست التي رشحت للجائزة في مرحلتها الأخيرة أنها أفضل الروايات العربية ، لأنّ عملية الترشيح للفوز هي - في المحصلة- ذات أبعاد من الذاتية والمزاجية وربما الأهواء والمصلحية . أحيانًا كانت الجوائز تمنح بأساليب ملتوية، ثم تسحب عندما يظهر بعض النقاد والمثقفين وجود فساد في التحكيم أو في النصوص التي لا تستحق أن تمنح أية جائزة ، كما حصل مؤخرًا، عندما سحبت جائزة الشيخ زايد من باحث لا يستحقها، بسبب إثارة هذه القضية على يد الناقد عبد الله السمطي الذي اكتشفها بالمصادفة.» وعن رأيه في لجنة تحكيم الجائزة هذا العام التي يرأسها المفكر الاقتصادي جلال أمين يقول المناصرة : « في الحقيقة، أحيانًا تغيب النزاهة عن لجان التحكيم، وكثيراً ما يحال التحكيم عمومًا على لجان غير مؤهلة ، أو لديها أهواؤها وذاتياتها، وقد يُبتعد حينئذ تعمدًا وقصدًاعن المحكمين ذوو الخبرة والكفاءة والأمانة العلمية ... لا أنكر أن هناك وجاهة ثقافية ما في انتقاد بعض لجان التحكيم ، عندما يكونون بعيدين جزئيًا أو كليًا عن مجال الجائزة ، أو أنهم من ذوي الخبرة المحدودة في هذا المجال. ... كان ينبغي أن يكون هناك تصنيف مميز للتحكيم ، وأن يختار المحكمون من جهات مغمورة إعلاميًا، وألا يُعرَّفوا بتاتًا ، حتى تكون الأحكام أكثر مصداقية مما لو كان التحكيم إشهارًا أو نفعيةً لبعض الأسماء دون غيرها!!» «البوكر» منذ البداية جائزة مشكوك بها ..، وهذا لا يعني بأن الروايات التي فازت بها روايات لا تستحق الفوز بالجائزة . هناك روايات فازت بها وهي دون شك تستحق كل التقدير وتعد روايات هامة عربيا وتستحق الجائزة وأكثر ، وفي المقابل هناك روايات فازت وهي دون المستوى» هوية خليجية أما الأديب أحمد الدويحي فيعلق بقوله : «جائزة البوكر العربية التي منحت للكاتب الكويتي السنعوسي ، يبدو أنها اتخذت من كتاب الرواية في الخليج هدفاً لجائزتها في السنوات الأخيرة ، والمسألة تحتاج إلى تفسير منطقي لهذا التوجه لكي لا تمنح الجائزة ذاتها الهوية الخليجية ، لكن السؤال المهم والجائزة تذهب في سنواتها الأخيرة للرواية الصادرة من الخليج بغض النظر عن من منحت له ، هل أصبحت المجتمعات الخليجية سبباً رئيسيا لذهاب الجائزة إلى كتابها ، أم أن كتاب الرواية في هذه البلدان النفطية ، تفوقوا على نظرائهم في بلدان عربية آخرى ، سبقت بعدة عقود إلى هذا الفن الروائي النبيل كتابة ونقداً؟؟ ولا نملك إلا التهنئة للفائز بها الكاتب السنعوسي ، وبصراحة أول مرة اسمع باسمه ولم أقرأ روايته.» حالة قرائية ويخالفه صلاح القرشي في الرأي حيث يقول :» جائزة البوكر العربية هي أهم جائزة عربية الآن ..وهي في نظري تقدم خدمة رائعة للرواية العربية بعيدا عن مسألة تعبيرها عن واقع هذه الرواية من عدمه. الأهم هو أنها في كل عام تصنع مهمة وتعرف المهتمين بالرواية بمجموعة من الأعمال الروائية ومجموعة من الأسماء الروائية قد تحتاج إلى سنوات طويلة للوصول لهذه الشريحة الكبيرة من القراء.. هذه الحالة القرائية هي أهم ما يمكن الحصول عليه من هذه الجائزة، وشخصيا تعرفت على العديد من الأسماء المهمة جدا من خلال القوائم التي تعلن كل عام « القائمة الطويلة « ثم « القصيرة». ويضيف القرشي : « لا شك أن مسألة الاختيار تخضع دائما لرؤية لجنة التحكيم وفي مجال الفن والإبداع لايمكن مطلقا تحقيق إجماع بشكل دائم.. أما بخصوص لجنة التحكيم فلا أرى مسألة التشكيك ولا أملك القدرة على تقييم اللجنة لكني أرى أن النتيجة النهائية للجائزة مرضية تماما فالرواية الفائزة تستحق واختيارها يحسب للجنة لأنها تجاوزت في هذا الاختيار مسألة الشهرة والحضور الإعلامي واختارت ما تراه يستحق.» قراءة مكثفة وتلخص شمس علي رأيها في هذه القضية بقولها : « الإجابة على مثل هذا السؤال تتطلب إجراء مسح شامل وقراءة مكثفة للمنجز الروائي العربي، لنتمكن من ترجيح كفة رواية على أخرى، ويخامرني الشك أن ثمة من يمكنه إدعاء ذلك، حتى من النقاد المهتمين والمعنيين بمتابعة المنجز نتيجة كثافة المنجز الروائي المطروح في الساحة الثقافية العربية بخاصة في السنوات الأخيرة. أما بالنسبة للجنة التحكيم في أي لجنة جائزة ، لا يمكننا أيضا تقييم إمكانيات أعضائها الأدبية والتحكيمية ومدى قدرتهم على التقييم الموضوعي والواعي تبعا لمعايير الجائزة واشتراطاتها المتفق عليها مسبقا من خلال نوع ما يحمل من شهادات وعدد ما أصدر من روايات لأن الإبداع خارج دائرة مثل هذه الاعتبارات فكم من مبدع متفرد لا يحمل شهادة وكم من مبدع متمكن لم يصدر مؤلفا، أو اكتفى بالقليل من المؤلفات .» جائزة مريبة ويعلق الدكتور سلطان القحطاني مبينا : أولا البوكر منذ البداية جائزة مشكوك بها ولا أظنها من الجوائز النزيهة ، وهذا لا يعني بأن الروايات التي فازت بها روايات لا تستحق الفوز بالجائزة . هناك روايات فازت بها وهي دون شك تستحق كل التقدير وتعد روايات هامة عربيا وتستحق الجائزة وأكثر ، وفي المقابل هناك روايات فازت وهي دون المستوى ويوجد ما هو أفضل منها بكثير . أما بخصوص لجان التحكيم أتساءل من هم الذين يحكمون الروايات ؟ هل هم قادرون على التمييز بين الرواية والقصة الطويلة على سبيل المثال ؟ .ونحن وجدنا بعض اللجان في جوائز أخرى خانوا الثقة المعطاة لهم . أما بخصوص المفكر جلال أمين وهو رجل معروف عنه بأنه مختص بالاقتصاد وهو يترأس لجنة التحكيم لكن المعول الأول ملقى على أعضاء التحكيم المشاركين للدكتور جلال أمين لهذا أرى من المهم أن يعاد النظر في مبدأ تشكيل لجنة التحكيم . « مجرد نقد ويرى محمد الشقحاء الموضوع بنظرة مختلفة فيقول :» مع الأسف الشديد أن ما كتب نقداً عن جائزة البوكر وبالتحديد القائمين على الجائزة من عدم تخصصهم في الأدب وفي فن الرواية بالتحديد و أنها نسخة من جائزة أوربية منتقصين من قيمة الجائزة وأنه لا يجب أن يكون وراء هذه الجائزة رجل أعمال أو مؤسسة تجارية لا أرى في هذا النقد و التقليل من قيمة الجائزة و الفائزين فيها أي موضوعية وهو في ظني خارج سياق النقد الجاد ، وهو لمجرد النقد فقط وليس للمباركة لمن فاز بالجائزة . وشاهدنا العام الماضي فوز كاتب سعودي بهذه الجائزة . وفي هذا العام كاتب كويتي وهم من دول الخليج العربي الذين سيشكلون في المستقبل الساحة الأدبية العربية ، وهذا في اعتقادي دليل على تجاوز المنجز في الجزيرة العربية الكثير من المنتج العربي . أما بخصوص رأيي في لجنة التحكيم و أن القائم عليها رجل اقتصاد وهو المفكر جلال أمين لا أرى ضيرا في ذلك فما المانع من أن يكون رجل اقتصاد وغير مختص بالأدب طالما هناك لجنة فنية تخضع لها جميع الروايات المرشحة . فأنا أتمنى أن تكون في بلدي جائزة شبيهة بالبوكر وهنا أحب أن أخص بالشكر كل من ساهم في جائزة الرواية العربية التي ينظمها نادي حائل الأدبي ويرعاها صاحب السمو أمير منطقة حائل .»