في الوقت الذي لا يستطيع فيه عدد من النسوة الراغبات في قيادة مركباتهن في السعودية، الجلوس خلف “مقود” السياقة، تمارس أخريات حريتهن في ذلك، دون أي منع أو حظر، ولكن في مناطق ومساحات محدودة، حيث يُسمح للنساء، الحاصلات على رخص قيادة من خارج المملكة، بقيادة سياراتهن بكل حرية، في أجزاء من مدينتي الظهران في المنطقة الشرقية، و”ثول” في المنطقة الغربية. لذا تجد نظيراتهن في المدن الرئيسية الأخرى من المملكةن أنفسَهن مضطرات إما “لاستجداء أوقات فراغ ذويهن”، أو دفع كلفة المواصلات الباهظة، أو استقدام سائق أجنبي من خارج البلاد، وهي الخيارات التي ترى كثير من النسوة أنها “تضيع الوقت والمال واحيانا الكرامة”. توفير الجهد والوقت وبعيدا عن الجدل حول قيادة المرأة تجد (أ، ع) المقيمة في مدينة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) في ثول نفسها بمنأى عن كل ذلك فهي تقود سيارتها يوميا من دون أن تتعرض لأي إزعاج أو مضايقة من أحد، وتقول: “ما دفعني لتعلم القيادة حالة ابني المعاق الذي يحتاج عربة من نوع خاص”، الأمر الذي يجعل تنقلها بواسطة الحافلات أمراً صعبا فهي تضطر للتردد على العيادة في “كاوست”، ومستشفى في جدة بشكل شبه يومي، وتضيف: “قبل تعلمي القيادة كان زوجي مضطرا للتغيب عن عمله لساعات طويلة أسبوعيا”.. أما الآن فهي تصطحب ابنها لمواعيد العيادة داخل المدينة، موفرة بذلك على زوجها حرج الاستئذان المستمر، ويوضح زوجها: “لا مانع لدي من قيادتها للسيارة بشرط ألا تقود ليلا”. القيادة سهلة صديقتها موظفة وأم لطفلين تقول إنهم انتقلوا إلى منزل جديد لا تصل له الحافلات مما جعل خروجها لقضاء احتياجاتها واحتياجات أبنائها مرهونا بأوقات فراغ زوجها القليلة جدا، وتضيف “القيادة هنا سهلة جدا فالطرقات مستوية ومعبدة في شكل ممتاز” وهي مسرورة باصطحاب طفليها للنزهة والترويح عن النفس بعد عناء يوم طويل من العمل والدراسة. (أ.أ) ،ربة منزل، و أم لأربع بنات تجد أن قيادتها للسيارة أمر لا غنى عنه، فبناتها منخرطات في نشاطات بعد المدرسة حتى الخامسة مساء، وتقول “كنت أقلق كثيرا في السابق نظرا لأن بناتي كن مضطرات للبقاء في المدرسة حتى السادسة عندما ينهي والدهن عمله ويجلبهن” وتضيف ولكن هذه المشكلة انتهت الآن. تحديد القيادة بشروط يرفض محمد صفير (32 عاما) موظف في القطاع الخاص، قيادة المرأة جملة و تفصيلا، ويرى ضرورة منع قيادة النساء للسيارة في كل أنحاء المملكة، ويضيف “زوجتى ليست بحاجة لذلك فأنا أوصلها أينما تريد ما لم أكن مشغولا”. أما المهندس يحيى عبدالله (29 عاما)،فيرى ضرورة تحديدها بشروط كأن تكون المرأة عاملة ويكون المحرم غير قادر على إيصالها إلى عملها، و يقول إن “السماح بالقيادة للسعوديات في جزء من مدينة الظهران وجزء من مدينة ثول يعود لاختلاف ظروف المكانين عن باقي أنحاء المملكة”. القيادة لكسب الرزق .. والعامل الاقتصادي وراء ارتفاع الأصوات الآن، وترى فوزية العيوني ناشطة حقوقية ورئيسة جمعية الدفاع عن حقوق المرأة في السعوديه ومشاركة في تأسيس صفحة الفيس بوك التي دعت السعوديات للقيادة في17 يونيو من العام الجاري أن “السماح الرسمي للسعوديات بالقيادة في كل من الظهران وثول ومنع الأمر ذاته في المدن الأخرى أمر مثير للدهشة ولا مبرر له، وتضيف “النساء في بعض مناطق الشمال والجنوب يمارسن القيادة في شكل اعتيادي، ويحظين في الوقت ذاته باحترام الرجل الكامل ومن دون أن تتعرض لهن أي جهة مسؤولة أو أن يكترثن للقائلين بتحريم ذلك، فاستخدام السيارة بالنسبة لهن أساسي لكسب الرزق”. وتعزو العيوني ارتفاع الأصوات المطالبة بالسماح بالقيادة وفي الوقت الحالي تحديدا، إلى العامل الاقتصادي وانتشار البطالة في صفوف النساء في شكل خاص، موضحة “في السابق انحصر عمل المرأة في القطاع الحكومي (التعليمي والطبي)، والذي يوفر رواتب تسمح باستقدام سائق، أما الآن فإن الغالبية العظمى من النساء يعملن في القطاع الخاص، وفي أماكن تبعد عن سكنهن مسافات طويلة، وبرواتب لا تزيد على ال 3000 ريال سعودي، فمن جهة هن مضطرات للعمل لإعانة أزواجهن و من جهة أخرى الدخل الشهري غير كاف لا لاستقدام سائق خاص و لا لدفع جزء كبير من راتبهن نظير المواصلات”. العرف العام يمنع يقول قاضي الهيئة الابتدائية في الدمام إبراهيم الحمود إنه “لا يوجد في النظام ما يمنع قيادة المرأة ولا في الشرع أيضا، ولكن المنع جاء بناء على العرف العام، الذي يعتبر المصدر الثالث من مصادر القانون، أما المناطق المذكورة فطبقا لجري العرف على القيادة فيها جاء السماح من قبل الحكومة بذلك