أوقف فرع وزارة المياه، في محافظة القطيف، أعمال الحفر مؤقتاً في محيط عين «الجوهرية» الأثرية. وجاء الإيقاف إثر طلب من فرع هيئة السياحة والآثار في المنطقة الشرقية، صباح أمس، بإيقاف العمل فوراً في الموقع بعد التهديد الذي رصدته «الشرق» في تقريرها المنشور أمس الخميس. وأوضح مدير فرع إدارة المياه في القطيف المهندس محمد العباد، ل«الشرق»، أن إدارته تلقت طلباً من هيئة السياحة بإيقاف العمل في الموقع الذي جرت فيه حفريات من قِبل مقاول، إلى جانب المعلم الأثري. وقال إن المشروع هو تسوير محطة أحواض الأكسدة في العوامية التي تقوم بالمعالجة الأولية للصرف الصحي. وأوضح أن الموقع يقع ضمن أرض محطة المعالجة التي يتم تسويرها الآن، وتم إصدار تعليمات للمقاول بإيقاف العمل في محيط العين حتى يتم التنسيق مع السياحة والآثار، وإعادة النظر في الأعمال بالطريقة التي تحافظ على الموقع من الضرر أو الإزالة جرّاء الأعمال التي تتم الآن في الموقع. وتثير هذه الحادثة التساؤلات حول الكيفية التي تم بها إدخال معالم أثرية ضمن مشاريع عامة أو مخططات سكنية في المحافظة، ومن ثم إلغاؤها وتدميرها، وسط غياب تام للمتابعة الأثرية، حيث إن مثل هذه الحالات تعددت في القطيف، ومن بين الأمثلة الحديثة على ذلك، ضم معلم عين الكعيبة الأثري إلى مخطط سكني تابع لبلدية المحافظة، وتجريفه بالكامل بواسطة آلية تابعة للمقاول المتعهد بتأهيل المخطط. وكذلك تحويل معلم عين الشنية الأثري لمخطط سكني وبناء منزل على الموقع، وآخرها ما حدث أمس الأول، عندما شرع مقاول بضم معلم عين الجوهرية الأثري لمحطة معالجة صرف صحي، وهو المشروع الذي كشفته «الشرق»، ونشرت عنه تقريراً في عددها يوم أمس تحت عنوان ««الجوهرية».. عين أثرية رابعة مهدَّدة بهدم مقاول في القطيف»، وتم بفضل الله وتجاوباً مع ما نُشر، صدور توجيه بإيقاف العمل في الموقع. من جهة أخرى، طالب رئيس المجلس البلدي في محافظة القطيف شرف السعيدي، بحماية الآثار وتطويرها وإعادة تأهيلها، لافتاً إلى أن بعض العيون الأثرية تم تجريفها بواسطة مقاولين، مستشهداً بعين الكعيبة الشهيرة التي تم تجريفها قبل عامين على يد بلدوزر يعمل لصالح البلدية. وأضاف: يجب أن يستفاد من هذه الحوادث والأخطاء، وسن تشريعات تستوجب التنسيق بين كافة الجهات المعنية قبل بدء العمل في أي مشروع للتأكد من خلوه من الآثار، وذلك حفاظاً على ثروات الوطن وتاريخه العريق. وأشار السعيدي إلى أن البلدية وهيئة السياحة والآثار أمامهما مسؤولية جسيمة جداً، وتتمثل في إيجاد حلول مستعجلة وسريعة لسلسة الحوادث الأخيرة التي تسببت في تجريف وانهيار وتضرر أربعة معالم لعيون أثرية في المحافظة في سلسلة حوادث مؤسفة وقعت بشكل متسلسل خلال العامين الماضيين، متسائلاً مَن الذي أعطى التصريح بالعمل في موقع الكعيبة الأثري؟ ومتى سيتم إعادة بناء جدارها الذي تم كسحه؟ وكذلك موقع عين الشنية التاريخي الذي تم إعطاء تصريح للبناء عليها، ولماذا لم يتم التحرك لإنقاذ عين الصدرية قبل أن تتعرض للانهيار؟ وأخيراً من يتحمل الأضرار التي تعرضت لها عين الجوهرية؟ وهل ننتظر أن يصل الأمر ونصحو يوماً على خبر تجريفها؟! وأنهى السعيدي تصريحه مطالباً هيئة السياحة والآثار بأن تقوم بحصر هذه المواقع الأثرية وتسويرها ووضع لافتات عليها تحذر من المساس بها وتضع أي متعدٍّ عليها تحت طائلة المسؤولية. في سياق متصل، علمت «الشرق» من مصادرها أن موقع عين الجوهرية غير مسجّل أصلاً ضمن الآثار الوطنية، وغير محميٍّ بأي أسوار، ولا يوجد له أي سجل إلا ذاكرة الناس ومعرفة المتخصصين. وهو ما ينطبق على مئات العيون الجوفية في محافظة القطيف التي اندثرت واختفت معالمها خلال العقود الثلاثة الأخيرة.