التشجيع الرياضي، أمر مقبول اجتماعياً في كل دول العالم، وأعني به تشجيع نادٍ معين، محلياً كان أو عالمياً، ولكن المبالغة في ذلك التشجيع التي تصل إلى حد التعصب المقيت والتشنج المريض فذلك غير مقبول خصوصاً إذا وصلت إلى حالة من التعدي والتهديد اللفظي أو الجسدي بين المشجعين. من الجميل أن يتابع الإنسان الفعاليات الرياضية خاصة كرة القدم لما لها من شهرة عالمية بحيث أصبحت الأشهر دون منازع بين أنواع الرياضات الأخرى وأن يستمتع باللمسات الفنية وأن يحرص على حضور مباريات النادي المفضل، ومن الجميل أيضا أن يتحدث بإعجاب عن ناديه المفضل أو أفراد فريقه ولكن من القبيح أن يقصي الآخر ويعتدي على حقه في الاختيار. أصبحت ظاهرة التعصب الرياضي التي تصل أحيانا إلى درجة التطرف ظاهرة مزعجة بحق، أصبحت ترى الأحبة وأحيانا الإخوة أو الزوج والزوجة في بعض الأحيان في حالة خصام شديد حين يتنافس الفريقان اللذان يشجعهما هذا الطرف أو ذاك وأصبح من المعتاد أن ترى الأخ وأخاه أو الصديق وصديقه المقرب يتعاركان بالأيدي أحياناً من أجل هذا الفريق أو ذاك. أصبح من المعتاد في مجتمعنا مع الأسف حدوث حالات طلاق بين الأزواج بسبب نتيجة مباراة كرة قدم وتعود الأسباب للتعصب الرياضي الذي وصل حد التطرف كما أسلفنا. وقفت مؤخراً على حالات عدة ورأيت ذلك مما يجعل الإنسان يشعر بالأسى والحزن لما وصل إليه واقعنا الرياضي مع الأسف. حين تشاهد برنامجا رياضيا لم يعد من المستغرب أن تنطلق أنواع الشتائم والسباب بطريقة تستفز الإنسان وأبعد ما تكون عن الأخلاق الرياضية الحقيقية فضلاً عن أخلاقنا الإسلامية والعربية. فَحُشَتْ كرة القدم لدرجة أصبح بعضهم وأنا منهم ينظر بتوجس وريبة لمستقبل التشجيع الغامض الذي تعدى التعصب إلى التطرف. الرياضة فن وذوق وأخلاق وتهدف للتسلية والمتعة والسلام بين الشعوب لكن كثيراً من المتابعين لهذه اللعبة حالياً وصل بهم الحال من التعصب لأنديتهم لحالة أشبه بالمرض والعياذ بالله. التطرف الرياضي ومع الأسف الشديد لم يعد حكراً على الجهلة أو الدهماء بل تعدى ذلك ليصل للنخبة أو المحسوبين على التنوير والثقافة تعدى ذلك ليصل للأطباء والمهندسين والتجار وكثير من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة والقطاع الخاص وهذه حقائق يدعمها الواقع لا ينكرها إلا معاند. أصبحنا نسمع عن وكيل وزارة مثلا يأتي لمكتبه صباحا والشرر يتطاير من عينيه لأن فريقه المبجل خسر نتيجة المباراة البارحة فيكون الجميع من الموظفين والمراجعين تحت رحمة الحالة المزاجية التي يمر فيها سعادته أو معاليه أحيانا وأستاذ يقصي بعض طلبته ويظلمهم بسبب تشجيعهم فريقاً آخر وهكذا. أعتقد أن الظاهرة الآخذة في التزايد تحتاج وقفة صادقة من فعاليات المجتمع ومثقفيه والنخب المتزنة وربما تحتاج تدخل أيضا علماء الاجتماع وأطباء علم النفس لدراستها وإيجاد الحلول المجتمعية وأخذ الموضوع المقلق على محمل الجد فتلك الظاهرة تستحق التوقف والتأمل والدراسة الاستقصائية. الإعلام الرياضي يحتاج إلى إعادة تشكيل لأنه أيضا يفيض بالتطرف ويبقى السؤال أين دور الرئاسة العامة للشباب والجامعات وربما نحتاج لحوار وطني حيال التطرف الرياضي.