أكد عدد من الإعلاميين والرياضيين والأطباء أن الاعتداء على الحكام سواء داخل الملعب أو خارجه يعد جريمة كبرى يجب الوقوف عندها، ومحاسبة المعتدين. وعزا الجميع الاحتقان الحاصل في الرياضة السعودية إلى رؤساء الأندية والإعلاميين، مؤكدين بأنه يجب أن تكون وقفة صادقة من وزارة الإعلام ومن الرئاسة العامة لرعاية الشباب للحد من شحن الجماهير. وبدأ الحديث عن هذه الظاهرة الخطيرة عضو شرف نادي الاتحاد والمحلل الرياضي د. مدني رحيمي، حيث قال «انفعال الجماهير الرياضة على الحكام ليس من مصلحة أي فريق»، وبالتأكيد هي أفعال تضر بالفرق أكثر من نفعها من خلال فرض مخالفات مالية على إدارة النادي الذي يشجعه ذلك الجمهور، أو لعب الفريق بدون جمهور، أو نقل مباراة الفريق الذي يشجعه إلى خارج أرضه. ودعا رحيمي الجماهير إلى ترك الحديث لمسؤولي الأندية. وحمل الإعلام الرياضي مسؤولية تثقيف الجماهير من خلال توضيح أن الحكم إذا أخطأ لا يعالج ذلك الخطأ بمثله، بل يجب توضيح أن هنالك لجنة الحكام هي المسوغ الوحيد بمعاقبته. وقال: «لجنة الانضباط تحتاج إلى انضباط فيجب عليها توضيح العقوبات، بحيث من يفعل كذا يعاقب بكذا لكي يكون هذا النظام معروفا». قذفوني لتسلل الحكم الدولي فايز الكابلي بين أنه تعرض للشتم والسب والتشهير بعد مباراة الهلال والنصر الشهيرة، عندما لم يحتسب هدفا جاء من تسلل واضح للاعب النصر طلال المشعل. وأضاف، «تعرضت أسرتي للكثير من المضايقات، ولكن بتوفيق من الله ثم بتوفيق بعض زملائي الحكام أمثال محمد عسيري وسعد الزهراني وخالد الأسمري صبرت حتى أتتني الشارة الدولية، ثم أعلنت اعتزالي، برغم صغر سني واتجهت للتعليم برغم ما حصل أقول سامح الله الجميع». وعزا الكابلي التعصب تجاه التحكيم إلى بعض المراكز الإعلامية في الأندية التي تبرر ضعف فريقها وتقصير إدارة النادي وتحمل الحكام حتى تصرف نظر المشجعين عن المطالبة بتصحيح أوضاع فريقهم، بالإضافة على إعلام الميول الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا التعصب، بالإضافة إلى بعض البرامج الرياضية التي تنتقد التحكيم. وأضاف، «أخطاء الحكام جزء من اللعبة والحكم يتخذ القرار في ثوان معدودة ولكن لا يمكن بحال من الأحوال التعمد، وما يحدث من أخطاء يرجع لسوء التقدير». ودعا الحكم الكابلي إلى دعم الحكام من قبل وسائل الإعلام، وعدم التشكيك في ذمة الحكام، بالإضافة إلى عدم السماح لرؤساء الأندية بالتعليق على أداء حكم المباراة، ولا يسمح كذلك لأي شخص سواء عضو بالنادي أو إداري أو لاعب أو مدرب بالتصريح ضد الحكام. وقفة حزم وبين الحكم الدولي السابق ومراقب الحكام عبدالله القحطاني أن ظهور العديد من الأبواق الإعلامية التي وكأنها تؤيد ما يحدث من تجاوزات رياضية بغض النظر عن المتضرر وكأننا أصبحنا مجتمعا لا يستطيع أن يستقي حتى المعلومة البسيطة الموجودة في ثنايا تشريعاتنا الإسلامية، بل يظهر من يستكثر عليك الكلام في هذا الشأن تحت تبرير أن الأخطاء واردة من أي إنسان، فهل وصلنا إلى مرحلة بتنا وكأننا شعوب لا تقرأ أو لا تريد أن تقرأ، وللأسف فقد تحقق المراد وأبعدنا عن صبغتنا الإسلامية، وبالتالي اختلت تركيبتنا ولحمتنا التي دائما ما ننادي بها، ونتشدق بها متى وافقت وخدمت توجهاتنا غير البريئة، ولا بد للجميع أن يعلم أن الاعتداءات في مجتمعنا الرياضي ليست وليدة اليوم، وليست ضد الحكام فقط، ومن أراد أن يستزيد من ذلك فما عليه إلا زيارة المرجعية الرياضية للأستاذ عبدالرحمن الدهام وسؤاله عن تلك الأحداث، ولكن الأهم من ذلك أن يسأل كيف تم الوقوف تجاهها بحزم، وما هي الآلية التي وضعت للحد من تلك التجاوزات والإنفلاتات حتى الكلامية منها ووأدها في مهدها قبل أن تكبر والوقوف في وجه من يحييها ويساعد على تأجيج المجتمع الرياضي بغض النظر (عن ماهية هؤلاء الأشخاص ومكانتهم الاجتماعية) وكلي ثقة في مسؤولينا الحاليين ومدى وقوفهم بحزم تجاه أي تجاوزات متى ما وجدوا من يعينهم ويقف معهم وينقل الأحداث له دون زيف أو ميل. وأضاف القحطاني، «الاعتداءات الرياضية لا يقع حمل محاسبتها على الاتحاد السعودي لكرة القدم فحسب، أو على لجنة الانضباط بالتحديد، لأن المسألة لم تعد تقتصر على ملعب وحدود آخر، بل تعدته إلى الشوارع والمنازل والسيارات والمطارات والأسواق، ولكن يجب البحث عن السبب ومن وراء كل ذلك». وقال: «المسؤولية الأولى تقع على منسوبي الأندية الذين يؤججون الشارع الرياضي بتصريحاتهم وتلميحاتهم وبمساندة (مأجوري الإعلام) وملاحق التعصب الذين يتولون الدور في حال التزام منتسبي الأندية السكوت في بعض الأحيان، لأنهم في الأصل لا يختلفون عن ذلك المشجع المتعصب الذي قذف ورمى وضرب وكسر وشوه كل ما يقع تحت يديه». ويرى الحكم الدولي القحطاني، أن ذلك المشجع تأثيره لحظي ووقتي يزول أثر فعله بزوال الحدث، لكن بقي الحل لمتعصبي الإعلام الذين رعوا الفضاء والأرض وبقيت كتاباتهم وبرامجهم محفوظة لأي أرشفة الإعلام بل أصبحت مرجعية لكل من أراد أن يغذي تعصبه ويجد من يبرر له ذلك. وأضاف «ظاهرة الاعتداء على الحكام بدأت تتفشى وتتزايد يوما بعد آخر وإذا لم يقف الجميع في وجهها فسوف ننتظر نوعية أخرى من التجاوزات.. الله أعلم من هم أبطالها ومن ضحاياها الجدد، خصوصا إذا ما علمنا أن الأبطال السابقين هم فئة المتعصبين المنساقين خلف منتسبي الأندية ومرجفي التعصب، ولعلي أنادي في النهاية بوقفة صادقة، وقفة رياضية للتصدي لكل اعتداء تفرزه ساحتنا الرياضية التي للأسف أصبحت تعيش على صفيح التعصب وموقوتة من متعصب يومي إلى الأندية». جرم خطير وفصل الحادثة عضو مجمع فقهاء الشريعة الدولي والخبير في المجمع الفقهي الإسلامي د. محمد النجيمي بأن الاعتداء على حكام المباريات داخل الملعب أو خارجه يعد جريمة يجب إيقافها. وأضاف، «من يثبت عليه أنه تعرض لحكم بقذف أو ضرب أو بالاعتداء على منزله، أو على أسرته وجب على الجهات المختصة أن تعاقبه، لأن هذا استهتار بالنظام، واستهتار بحرمات الناس، والله قد حفظ حرمات الناس في الكتاب والسنة». وأكد النجيمي أن الحكم هو بشر يخطئ ويصيب، فإن أخطأ فهناك أنظمة في الرياضة معروفة يعاقب عليها وفق ذلك، فيحاكمه المسؤولون عنه بما يرونه، وفيها ما يكفي لمحاكمة ومحاسبة الحكام وليس حق لأي شخص أن يعتدي على الحكام فهذا من المنكر. وزاد، «يجب على رؤساء الأندية أن يبينوا للجماهير أن التشجيع أن يكون ضمن الضوابط المسموح بها، كما يجب على الرؤساء أن يحيلوا المشجعين المعتدين للجهات الأمنية المختصة». وقال الدكتور النجيمي: «إن الإعلام الرياضي بالذات قد دخل في مهنة من ليس مهنة له وأن مثل هؤلاء أساؤوا لمهنة الرياضة كمهنة شريفة لكن الدخلاء الذين يؤججون الجماهير كالكتاب الرياضيين الداخلين على المهنة وهم ليسوا متخصصين في الرياضة ولا فن الرياضة هؤلاء يجب على رؤساء تحرير الصحف أن لا يسمحوا لهم أن يكتبوا بما يشجع الناس على النيل من الحكام أو أي إنسان». من جانبه، قال المعلق الرياضي عبدالله الحربي إن الاحتقان في الشارع السعودي احتقان غير طبيعي وهو ليس من مصلحة العاملين في الدوري السعودي ولا من يعمل في الدوري. وبين الحربي أن المسألة ليست مرتبطة في الحكام فحسب، ولكن كل الرياضيين وكل من يساهم في إنجاح الرياضة من الخطر عليهم العمل حاليا في الدوري السعودي. وأضاف، «حادثة الاعتداء على منزل الحكم مطرف القحطاني تأتي ضمن سلسلة لحالات اعتداءات مختلفة تعرض لها عدد من العاملين في الوسط الرياضي». وأبان الحربي بأنه يجب أن يكون هناك حل فوري، فالاحتقان والتعصب لا يعتبر حالة إيجابية للرياضة السعودية وهذا التعصب لا يساعد في تطوير الرياضة بل يهدمها، مشيرا إلى أنه «يجب أن تكون هنالك وقفة صادقة، ويكفي كذبا». واستشهد المعلق الحربي في دول أوروبا الذين لم يجعلوا حياتهم مليئة بالكرة، فلديهم جوانب أخرى يبدعون بها في الحياة وتفوقوا علينا في كل نواحي الحياة وتفوقوا أيضا بكرة القدم التي لم يعطوها مثل ما أعطيناها. الهدوء والعقلانية وزاد الحربي، كرة القدم لا يرتفع شأنها بالتعصب والاحتقان بل كرة القدم يرتفع شأنها بالتخطيط وبالرؤية وبالهدوء والعقلانية، مبينا أنه إذا غابت العقلانية وحضر التعصب والاحتقان فستهدم كرة القدم ويهدم العاملون في كرة القدم. وعن الحلول قال المعلق عبدالله الحربي: «يجب أن يوقف الإعلام عن حده في ظل وجود انفلات ملحوظ، يجب أن يكون هذا الإعلام بناء وليس هداما ولا يتكلم لأجل ألوان وميول بل يجب أن يكون همه الأول والأخير إنجاح الرياضة السعودية حقا وليس إنجاح قضايا أنديتهم». وزاد، «يجب على مسؤولي الأندية أن يلتفتوا إلى أمور ناديهم ويتركوا الآخرين يعملون، وأن يتجنبوا الشوشرة على الحكام وعلى الإعلاميين». وأضاف، «الاتحاد السعودي عمل الواجب عليه الآن فعلا بخصوص منع تصريحات رؤساء الأندية بعد المباريات وتغريمهم، لكن يجب أن تكون هذه الغرامات أكبر ويجب أن يكون هنالك وضوح في تطبيق الأنظمة في اتحاد القدم بدون تمييز». تصرفات غريبة مستشار الاتحاد الرياضي الدكتور صلاح السقا أكد أن أخطاء الحكام جزء من اللعبة وأن الحكم من الطبيعي أن يخطئ، لأنه بشر واستغرب الدكتور السقا من تصرفات غريبة تقوم بها بعض الجماهير الرياضية من الاعتداء على الحكام، مضيفا أن ذلك يدل على أن ثقافتنا الرياضية أكثر من ضعيفة، مشيرا إلى أنه لابد أن يكون فيه هناك وقفة رجل واحد صادقة من الجميع. وأبان الدكتور السقا أن من أهم أسباب تطور أي لعبة هي التحكيم، مبينا أنه على مستوى كأس العالم الحكام يخطئون، وأضاف أن بعض الجماهير عندما يكون الخطأ لصالح فريقها تؤكد أن هذا الخطأ عفوي بينما إن كان ضد فريقها فتقول إنه مقصود فتبدأ الجماهير بتوجيه الاتهامات. وزاد، أنه لا بد أن يتم اتخاذ قرار قانوني بحق الأشخاص الذين يتهمون الحكام بدون أي أدلة أو إثباتات، مؤكدا أن الجميع يسعى لأن يكون التحكيم مميزا وبعيدا عن الأخطاء، لكن هذا حال الرياضة ولابد معرفة هذه الأشياء. الوسط الرياضي وحمل الدكتور صلاح السقا الوسط الرياضي كافة ما يجري من احتقان للجماهير، مؤكدا أن هذا ديدن الوسط الرياضي. وأضاف، «نعم نحن نستاء أحيانا من أداء بعض الحكام، لكن هناك فرقا بين الاستياء من أداء الحكم وبين تعمد الحكم». وعن الحلول العاجلة قال الدكتور السقا «لابد أن كل من يخطئ بحق الحكم يجب أن يعاقب بقسوة، أما التجاوزات والضرب والاعتداء والأذية كلها أمور مرفوضة، فالعملية نظام وقانون وممارسة رياضية فقط، ويجب ضبط الأخلاق حتى في حالة الغضب ويجب أن يعي الجميع هذه الثقافة». اعتلال نفسي الأخصائي النفسي الدكتور ناصر الذبياني أكد أن ما قام به المشجعون على منزل الحكم مطرف القحطاني من تخريب وتكسير يمثل شخوصا معتلين نفسيا، كون الصحيح نفسيا هو الذي يشبه في سلوكه وتصرفه وتنوع حياته ما عليه أغلب الناس من حوله وفي بيئته. وبين الذبياني، أن مثل هؤلاء المعتدين لديهم نزعة إلى التخريب والعدوان، وقد يكون السبب حاجتهم إلى شيء أو الحرمان من شيء أو الإحساس بالظلم والاضطهاد، أو عندما تجرح عواطفهم، أو قد يكون لديهم أسباب اجتماعية مثل عدم وجود الاستقرار الأسري. وأضاف الطبيب النفسي، أن الشحن الإعلامي وإعطاء كرة القدم أهمية مبالغ فيها والتعصب للأندية والميول هو سبب في مثل هذه السلوكيات، وكذلك الجهل لدى بعض المشجعين في تشجيعهم لناديهم وطريقة التعبير عن انفعالاتهم وغضبهم، سواء على الحكام أو الفريق الآخر، أو لاعبيهم، أو تغيير مستوى النادي الذي ينتمون إليه من الأفضل إلى الأسوأ، وذلك له دور كبير في ردة فعل جماهيره سواء ما يشاهد في المدرجات من سلوكيات غير مقبولة أو في الاعتداء على ممتلكات الحكم. وأبان د. الذبياني أن مثل هذه التصرفات قد يكون لها تأثير سلبي ونفسي على النادي وعلى جماهيره، وعلى الكرة السعودية بشكل عام وأيضا لها تأثير نفسي على الحكام السعوديين والذين هم بحاجة إلى تشجيعهم فيصبح الحكم مشغول الفكر والذهن لو أخطأ خطأ غير مقصود، مما قد ينتج عنه أخطاء تحكيمية وضعف في الثقة بالنفس، فقد نجده يتأخر في اتخاذ قراراته السريعة وهذا مطلب في كرة القدم، ففي الثانية يتخذ القرار وعدم شعور الحكم السعودي بالأمن النفسي والاجتماعي سبب في نكوصه. شحن إعلامي من جهته، بين الإعلامي في القناة الرياضة رياض الودعان، أن كرة القدم في المملكة أصبحت هي الغاية، وولدت البغضاء بين أفراد المجتمع، وأوضح أن كرة القدم أصبحت مصدرا للكرة والعصبية وتفرقة المجتمع شبابا وحتى كبار السن، مشيرا إلى أن ما حدث من اعتداء على الحكم مطرف القحطاني دليل على أن كرة القدم أصبحت مصدر قلق للمجتمع السعودي. وتمنى الودعان أن تكون هناك حملة تثقيفية تتبناها الرئاسة العامة لرعاية الشباب لتثقيف الشباب من خلال وسائل الإعلام، مبينا أن الرئاسة للأسف قد انشغلت بغير ذلك، متسائلا «إلى متى والاعتداءات متوالية ونحن لا نحرك ساكنا». آفة سلوكية وعلى ذات الصعيد، أكد الباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية د. أحمد الحريري أن التعصب الرياضي هو الآفة السلوكية والفكرية التي تعصف بمتع وأهداف الرياضة وتجعل من تهذيب المسالك وتنقية الأفكار بالرياضة مسألة في غاية الصعوبة، وللأسف تصبح الرياضة مجالا لممارسة الكثير من السلوكيات غير السوية والانحرافات الخلقية، ويأتي في مقدمتها طبعا التعصب الرياضي. وأضاف، «العلاج لهذه المعضلة يكمن في أهمية منع المتشنجين في خطاباتهم الرياضية من الظهور إعلاميا، وزيادة فاعلية الضبط الأمني في المدرجات وخارجها، وتوزيع الاهتمام بين الرياضات والفئات الرياضية الأخرى، وحساب التكلفة الاقتصادية والأمنية والوطنية.. اعتقد أنه يعطي ملمحا على ذلك، ومنع مظاهر التجمهر وتفريق التجمعات والتعامل مع التصرفات غير المسؤولة بحزم وجدية كاملتين».