من المعروف منذ بداية البشرية أن الاسم هو هوية أي شيء على وجه الأرض، وجاء في الآية: «وعلّم آدم الأسماء كلها»، إذن لكل شيء محسوس اسم يحدد هويته، وهذا أمر مفروغ منه في أي مكان في العالم، وعندما تتعرف على شخص ما، إما أن تبادره بذكر اسمك أو يذكر لك اسمه. إذن، ما قصة أبو محمد وأم عبدالله؟. أبو محمد، هو فلان بن فلان، لديه ابن اسمه محمد، يرى بأن مناداته بأبو محمد دليل احترام، وبالمقابل الجميع يعرف ذلك فينادونه «أبو محمد»، وفي حال مناداته باسمه يرد: «قل لي أبو محمد لا هنت»، حتى إن المراجعين له في العمل لا يعرفون اسمه، لا يعرفونه إلا بأبو محمد، وكم أبو محمد في نفس المكان! أم عبدالله، هي فلانة بنت فلان، لديها ابن اسمه عبدالله، في عملها هناك ثلاث سيدات يحملن الكنية نفسها «أم عبدالله»، وللتفرقة بينهن ينادون كل واحدة باسم عائلة ابنها، وفي المنزل زوجها يناديها أم عبدالله، التي قالت لي يوما ما: «مرة ناداني زوجي باسمي، ارتعت ورحت أركض، فكرت صاير شيء!!»، لذلك أم عبدالله معروفة باسم زوجة فلان، وفي المجتمع العام المقربون فقط يعرفون اسمها!، وبعضهم لديه سبب آخر في مناداة المرأة بكنيتها، وهي ثقافة خاصة لنا نحن فقط، خاصة في الأماكن العامة، مثل المستشفيات وغيرها، يقف عند انتظار النساء لينادي أم عبدالله، وكون عبدالله اسم دارج في مجتمعنا، يجب أن تعرف هذه الأم عبدالله أنها المعنية من نبرة صوت زوجها، أو أن عليه أن يستمر في النداء حتى تستوعب إحداهن أنها المعنية! مع ذلك يمكننا استثناء الرجل من الحديث، كونه ينادي أبو محمد بن فلان، وهنا اتضح جزء من الهوية، إلا أن المرأة تستمر مجهولة، حيث إن مناداتها بأم عبدالله بن فلان لا يشير إلى اسمها أبداً. الموضوع أصبح طبيعياً لدينا، حتى إن بعضهم حين يتعرف على شخص جديد يسأله أنت أبو مين؟. لا نختلف أن الكنية قد تكون للتفاخر بالأبناء، ودرجت من باب الاحترام، ولكن أين هويتنا وتفاخرنا بأسمائنا وأسماء آبائنا، ولدنا نحمل أسماء استبدلناها بأسماء أبنائنا، وأبناؤنا يستبدلونها بأسماء أبنائهم وهلمّ جرا. جاء ذكر الأنبياء بأسمائهم، والإنسان ابن آدم، والله سبحانه وتعالى يخاطب عباده ويقول يا بني آدم، واستخدمت الكنية في العصور الماضية من باب التقدير والتفاخر، ولكن كانت الأسماء مختلفة ومميزة في ذلك الوقت. ثقافة الكنية محمودة في الإسلام، وفي التراث العربي، إلا أن هناك أماكن لا مجال فيها للتعامل بالكنية، مثل مجال العمل، عند تعاملك مع أبو محمد أو أم عبدالله، فأنت تتعامل مع مجهول حتى تعرف هويته من اسمه. هي فكرة بسيطة قد يختلف بعضهم معي فيها، ولكن لي اسم يفترض أن يعرفه الجميع.