أصبح الحديث عن «البويات « مشاعا بين مختلف فئات المجتمع على اختلاف طبقاته، إلا أن البعض لا يعرف معنى هذا المصطلح. فالبويات: كلمة أصلها انجليزي وهي مكونة من كلمة (Boys) ومعناها الأولاد، ومضافة إلى هذه الكلمة تاء التأنيث، وهو لفظ لجأ إليه بعض الفتيات بدلا من استخدام لفظ «المسترجلة»، أو «الجنس الرابع» بمعنى الفتيات المسترجلات، ورغم هذا يصر البعض على تجاهل هذا المصطلح، فهل لتلك الكلمة مفردات أخرى ومتى كان أول ظهور لها في عالمنا العربي بالتحديد؟ ومن هن البويات؟ وكيف يتصرفن؟ والسؤال الأكبر والمهم : هؤلاء البويات مسئولية من ؟؟ في البداية قالت أم محمد خليل وهي طالبة باحدى كليات البنات بالدمام: إن هؤلاء البويات انتشرن بشكل كبير في الفترة الاخيرة خاصة في المرحلتين الثانوية والجامعية وكانت سابقاً تسمع عنهن وعن تصرفاتهن، لكن منذ التحاقهن بالجامعة رأى الكثير منهن رأي العين وهن معروفات بلبسهن وقصات شعرهن وتصرفاتهن الرجولية وعطرهن شبه الرجالي وتحرشهن بالفتيات الاخريات. كما أنهن في الخفاء وفي مجتمعهن الخاص ووسط قريناتهن سواء داخل أسوار المدارس أو الكليات والجامعات أو حتى بالمجمعات التجارية يلاحظ عليهن ممارسة عاداتهن وبشكل واضح وظاهر للعيان. وتستغرب ادارات الجامعات والكليات ومدارس البنات في التعليم العام من عدم اتخاذ اجراءات صارمة بحقهن. وهذا الاستغراب تؤكده ام لأربع بنات وهي «عائشة «ط» التي تقول: إن مشاهدتهن في الاسواق والمجمعات العامة صارت أمراً غير مستغرب فأين هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وادارات المجمعات أو الأمن النسائي لهذه المجمعات؟ وكيف يسمح لهن بالتجوال والقيام بهذه التصرفات في اماكن عامة وخاصة للأسف ليست كل الأماكن النسائية آمنة لبناتنا بحيث باتت أشكالهن وسلوكياتهن لا تتناسب مع خصائصهن الأنثوية. والأمر من ذلك أنهن نجحن في إقناع بعض النسوة المتزوجات بالانخراط في مجموعاتهن والسير على خطاهن. وتضيف عائشة إننا بهذا التصرف وعدم الحزم مع بناتنا وكأن الامر أمر عادي لا يخالف شرع الله، وزادت بقولها عن ردة فعل الفتيات الصغيرات ورؤيتنا هؤلاء الشاذات يتجولن ويسرحن ويفعلن ما يشأن دون رادع. من جهتها تقول «ز. م» العسيري وهي معلمة بالمرحلة الثانوية: إن المسترجلات أو ما يعرف بالبويات أصبح شيئا منتشرا في اوساط البنات بشكل مخيف خاصة الفتيات المراهقات وانها تبدأ من منطلق التقليد ومن ثم الانخراط في ممارسات كثيرة غير شرعية وغير أخلاقية وتضيف إنه كثيرا ما تحدث مشاكل ومضاربات بين الطالبات سببها تصرفات هؤلاء الفئة وتحرشهن ببقية الطالبات، بل من المؤسف ان كثيرا من الامهات عند استدعائهن لمناقشة اوضاع بناتهن من البويات تعتبر الامر طارئاً وسيزول مع الوقت دون ان تدرك دورها المهم قبل استفحال الامر وتورط بناتهن في امور لا تحمد عقباها وعندها لن ي نفع الندم. وقد وثقت أمهاتهن فيهن فلابد من توعية الأم بالرقابة المتوازنة لابنتها بالصداقة والشفافية في التعرف على احتياجات الفتاة ومشاعرها واحتوائها، واستيعاب طاقتها العاطفية، ونصحت بضرورة الحوار بين البنت وأمها ، وكيفية معالِجتها وتخليصها من هذه المشكلة. يؤكد عبد السلام بن صالح الصقعبي مستشار أسري في التنمية الاسرية بالدمام ان البويات، مؤنث جمع كلمة «بوي» (ولد بالانجليزية)، وهو لفظ شبابي لجأ إليه بعض الفتيات بدلًا من استخدام لفظ «المسترجلة «، أو «الجنس الرابع». و«الاسترجال» هو تمرد من الفتاة كأنثى، ومحاولة اكتساب صفات الذكور، بدءًا من ملبسهن وتصرفاتهن، وطريقة مشيهن، وعطورهن، بل حتى أحيانًا تتمرد على اسمها الأنثوي وتطلق على نفسها اسمًا ذكوريًا. والبويات هو نوع من تدني السلوك الإنساني وخروج عن الفطرة الشرعية التي اختارها الله (عز وجل). فمما لا شك فيه أن خلق الله لنا علي جنسين ذكور وإناث هو لحكمة أرادها ولأجل خلق نوع من التوازن عند البشر وهذا أمر يمن الله به على عباده، حيث يقول (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى) [النجم : 45] ويقول سبحانه (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى) [القيامة : 39] والقفز فوق هذا التوازن هو اعتراض على قدر الله – عز وجل – وعلى فطرته. ولعل أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذا الخلل التي تدخل في كثير من الانحرافات السلوكية لدى الفرد – باستثناء المرض النفسي أو اضطراب الهوية الجنسية فهذا ليس الحديث عنه هنا – هي ضعف (الوازع الديني) فإن الدين يشكل السور الأول في الحد من هذه الظاهرة. بعد ذلك تأتي مسألة سوء التربية , حيث إن كثيرا من هؤلاء (البويات) لم ينشأن في بيئة صالحة – والشاذ لا حكم له – فالتفريط الذي يكون موجوداً عند الآباء والأمهات تجاه بعض السلوكيات الجنسية التي يلاحظونها على بناتهن قد يؤدي إلى انحراف مُستقبلي لهذه الظاهرة السيئة. عندما تكون الأم قريبة من البنت ويكون الأب قريباً من الابن .. وعندما تكون العائلة مُنفتحة على مشاكل أفرادها ويدركون مدى أهمية علاقتهم ببعضهم البعض.. وعندما يعرف الأبوان مع من يتواصل أبناؤهم وبناتهم , سواء كان في المدرسة أو الكلية والجامعة أو حتى بين أقاربهم , تكون القدرة على صيانة الأبناء من هذه الانحرافات السلوكية من بدايتها أفضل. ضرورة العلاج عن طريق الأسرة: يقول أحد خبراء التربية إن أسباب هذه الظاهرة ان تربى البنت بالطريقة نفسها التي يربى بها الولد وأن تُحمل عين الاعباء والمهمات التي يتحملها الولد، ثم لما تأتي المُكافأة يعامل الابن بطريقة مشرفة في الوقت الذي يقال للبنت : أنت بنت!! أيضاً من الأسباب الانفتاح غير المنضبط على ثقافة المُجتمعات الأخرى التي تصدر لنا نوعا من التزويق والتلميع.. ويغطى فيها الخلل والعيب ما يجعل بعض ضعاف العقول من البنات تظن ان هناك سعادة ستحصل لها عندما تتجه إلى ان تكون "بوية" أو ما شابه ذلك. كذلك لا ننسى ان هناك من الفتيات من يعانين فراغا عاطفيا شديدا تحاول ملأه عن طريق بناء صداقات مع هؤلاء "البويات" لاعتقادها انها علاقة آمنة كونهن من الجنس نفسه، لكنها تتجه بعد ذلك إما الى ان تكون "بوية" او ان تصبح تابعة لمن تتشبه بالرجال، وكلا الحالين أسوأ من بعضه، لذا على الأسر ان تقوم بواجبها المناسب تجاه هذه الظاهرة وان يلاحظوا أي تغير في سلوك البنات فيقوموا بعلاجه منذ بدايته. الضغوط الملقاة على الفتاة أهم الأسباب: تضيف «ريم . م» ان بعض الفتيات "البويات" يقلدن الشباب في كل شيء ويطلقن على انفسهن الاسماء مثل تركي وريكان وياسر وغيرها من الاسماء الغريبة على مجتمعنا. واذا نصحتهن أصررن على سلامة موقفهن، بل انهن يطالبن بمنحهن الحرية للتعبير عن مشاعرهن وحقيقة ميولهن، وأن يشعرن بالرضا والسعادة والسبب يعود إلى التمرد نتيجة الضغوط الملقاة على الفتاة، وكبت مشاعرها وعواطفها، لافتة إلى تجاهل المجتمع طاقة الفتاة وأنشطتها. أضف الى ذلك ان بعض البويات مقتنعات وبشكل تام بأنها ولد وليست بنتا وأنها ستعيش حياتها مثل أي رجل ولها خطط مستقبلية كثيرة مثل الحب وغيره، وهي تعرف خطورة ما تقوم به. الدورات التدريبية وتحسين التنشئة الاجتماعية أهم الحلول: يشير شبيب العواد المستشار الأسري بمركز التنمية الأسرية بالدمام الى أن البويات المقصود بهن المسترجلات وكان المفهوم قديما يعني مقارعة الرجال في كل الميادين الخاصة بهن وغير الخاصة والخارج عن إطار الأنوثة المعهودة. وتبرز النظرة الحديثة إلى أبعد من ذلك لا سيما أنه أصبح حق المرأة في دخول الميادين الحياتية أوسع وأشمل ولا يتعارض مع الأنوثة والضوابط الشرعية، حيث أخذ مفهوم الاسترجال والبويات منحنى منحرفا في عدة جوانب نفسية منها التعلق العاطفي بالجنس نفسه، كره الجنس الآخر (الرجال) وحتى لو كان من نفس الأسرة ومن الجانب الاجتماعي الميل إلى عقد علاقات عاطفية مع الجنس نفسه قد تصل إلى مرحلة الشذوذ. كما أن من مظاهره العزوف عن الزواج حتى سن متأخرة وهناك جوانب خارجية تظهر على سلوك المسترجلات في اللباس وقصات الشعر حتى يصل البعض منهن للمطالبة بقيادة السيارة والتفحيط وممارسة الهوايات العنيفة. ويرجع هذا الانحراف السلوكي أولا إلى البعد عن تعاليم الشريعة السمحة، إضافة إلى الخلل في التنشئة الاجتماعية وكثرة الضغوطات التي تتعرض لها بعض الفتيات في المجتمعات المحافظة التي يغلب عليها الطابع الذكوري. كما أن لنشأتهن في محيط الأسرة التي يغلب الأولاد تأثيرا على سلوكياتهن والدلال الزائد له أثر سلبي في هذا الجانب. كما أن للزملاء وطبيعة المجتمع خاصة المتحرر منهم الأثر في هذا الانحراف واستقطاب الثقافات الغربية وما يتبعها من تقليد أعمى يبدأ بالمظاهر حتى ينتهى بالتأثير على السلوكيات. وحتى نواجه هذه الظاهرة لابد من تحسين التنشئة الاجتماعية التي تبدأ من الوالدين وتنتهي بالأبناء من خلال دورات تدريبية للمقبلين على الزواج ودورات في الطبيعة النفسية والتربية الجنسية وتهيئة بيئة صحية نفسيا واجتماعيا وعاطفيا داخل الأسرة والتقليل من الضغوطات والقيود في التربية وعدم والتفريط والدلال.