تنتاب الطفل الفلسطيني أحمد (6 سنوات) حالة نفسية سيئة يصاحبها كوابيس ليلية مزعجة وتبول لا إرادي أثناء النوم ناجمة عن مشاهد مؤلمة عايشها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة. وكانت إسرائيل شنت حربا شاملة ضد غزة في الفترة الممتدة من 27كانون الأول 2008 وحتى السابع عشر من كانون الثاني 2009، وأدت إلى استشهاد وجرح آلاف المواطنين وتدمير مئات المنازل والمؤسسات. (أحمد) الذي يقطن حي الزيتون شرق مدينة غزة، مازال يتذكر مشهد قصف طائرة حربية إسرائيلية لمجموعة من الشبان بجوار منزلهم مما أدى إلى استشهاد عدد منهم. "كانت الساعة ليل وحينها سمعت صوت قصف قوي في الحارة وطليت من الشباك فشفت الشباب وهم شهداء ومقطعين من القصف" يقول أحمد وهو يشخص ببصره الى السماء الزرقاء في ذلك اليوم. لا يعلم ذلك الطفل الذي يدرس في الصف الأول الأساسي، أن غدا /الاثنين/ يصادف يوم الطفل الفلسطيني. وهنا تدخلت والدة (أحمد) قائلة: "إن أطفالها ومن ضمنهم أحمد لا يعرفون يوماً سعيداً في حياتهم بل يتذكرون فقط الحرب والقصف والشهداء والجرحى والدمار". وتضيف: "أحمد يستيقظ في منتصف الليل وهو يصرخ ويبكي ويقول بشكل هستيري: بدهم يقصفونا بدهم يقصفونا أخلوا الدار". "أحياناً يتبول على نفسه أثناء الليل، وأصبح عدوانيا بشكل كبير في البيت والمدرسة" تقول الأم وهي تحتضن طفلها (أحمد). حال (أحمد) لا يختلف كثيراً عن حال الطفل محمد عبد ربه من عزبة عبد ربه شرق جباليا شمال قطاع غزة. الجرافات الإسرائيلية دمرت منزل محمد (10 سنوات) ذو البشرة السوداء،وهو يقطن حالياً مع باقي أفراد اسرته في خيمة بالية. "في الحرب جرف اليهود بيتنا بعد ما هربنا منه ولم أخذ شيئاً من دفاتري وكتبي المدرسية" يقول محمد. ويضيف: "أن تحصيلهم العلمي تراجع بعدما كان من المتفوقين في مدرسته، وكذلك أصبح يميل الى العزلة". ويقول والد (محمد): إن الحرب الاسرائيلية أثرت على أبنه كثيراً فهو يخاف عند سماع صوت الطائرات والقصف وأصبح يشاهد أفلام العنف والحروب على التلفاز." الدكتور خالد دحلان أخصائي الأمراض النفسية والعصبية في برنامج غزة للصحة النفسية، أكد أن الطفل الفلسطيني عاش تجربة مريرة خلال الانتفاضة بشكل عام وبشكل خاص خلال الحرب الأخيرة على القطاع. وشدد دحلال في تصريح ل "السعودية" على أن الظروف الصعبة التي مرّ بها الأطفال في غزة أصابتهم بصدمة نفسية، نتج عنها حالة من القلق والخوف من الأماكن المحيطة بواقع الصدمة. وأوضح أن الطفل يتجنب في هذه الحالة المرور في أماكن الحث الصادم والتي من الممكن أن تكون لها علاقة بحياة الطفل اليومية. واشار الدكتور دحلان، الى مشاكل النوم التي تنتاب الأطفال نتيجة الصدمة النفسية مثل: الأحلام المزعجة والكوابيس الليلية والسير أثناء النوم. وتحدث كذلك عن تراجع التحصيل العلمي لدى الأطفال، اضافة الى خوفهم من الأماكن الواسعة وزيادة حالات التبول اللاإرادي لدى بعض الأطفال، وحدوث تغيرات سلوكية أهمها العنف في المنزل والمدرسة. ومن المشاكل النفسية التي تواجه أطفال غزة بعد الحرب يقول دحلان: الاكتئاب وفقدان الرغبة في اللعب والتسلية وممارسة هواياتهم السابقة، وأيضاً فقدان الشهية أو العكس والتشتت الذهني. ونصح الأهالي برعاية أبنائهم والاهتمام بهم ومنحهم المزيد من الوقت واحترام تجربتهم الشخصية كي يخرجوا من الحالة النفسية التي يمرون بها.