الأطفال هم أول الضحايا للحروب في أي زمان أو مكان. ذلك لأنهم يموتون بدون سبب، ولا يعرفون ما السبب؟! إنهم تلك الزهور الصغيرة التي تذبل مع بدء الحرب، وتتأثر بشدة بعد الحرب. والحرب التي اقصدها هنا هي الحرب التي قامت بها إسرائيل ضد قطاع غزة. قطاع غزة الذي يبلغ عدد المحاصرين فيه حوالي مليون ونصف المليون، هم في الواقع عدد السجناء في أكبر سجن شيّد في التاريخ على وجه الأرض. وتمارس إسرائيل أبشع أنواع التهديد والحصار على جميع الموجودين في هذا السجن، مما يؤثر مباشرة في نفسيات الأطفال، ويدمر شعورهم بالطمأنينة والأمن والحياة المستقرة. ويرى عدد من الأطباء النفسيين في غزة بأن الحرب على قطاع غزة يمكن أن تؤسس لجيل جديد من الفلسطينيين شديدي التطرف ضد إسرائيل، ولن يجدوا طريقة لشعورهم بالأمان سوى باللجوء إلى القوة والعنف ضد إسرائيل التي يرون فيها الشر الأكبر والعدو الذي لا يرحم.. ويقول مدير مركز الصحة النفسية في قطاع غزة الطبيب إياد السراج لوكالة فرانس برس: «أطفالنا يعانون من سلسلة صدمات نفسية لحقت بهم في السابق والحاضر نتيجة القصف الإسرائيلي والعدوان على قطاع غزة، وبسبب تعرضهم لهذا الكم من الصدمات طوروا وسائل دفاعية. ويتابع قائلاً: «إن الأطفال الذين ولدوا تحت الاحتلال استخدموا ضرب الحجارة والمولوتوف خلال الانتفاضة الأولى، أما الجيل الحالي فسيتحول إلى التطرف، لأنه يؤمن بأن إسرائيل هي الشر الأكبر». أما مدير مركز علاج ضحايا العنف الطبيب محمود سحويل في رام الله فيقول: «إن هذه الحرب ستخلف لنا عملاً كبيراً، لأنه سيكون أمامنا كم هائل من الأعراض النفسية، وستدفع إسرائيل الثمن غالياً مستقبلاً، لأنها تخلق ثقافة الحرب والعنف». ويبدو من خلال الاحصاءات المتوفرة أن نسبة الأطفال الذين يعانون من أعراض الصدمة التي تشمل ليس الأطفال فقط، بل ان المجتمع الفلسطيني بكامله أصبح يعاني من الآثار النفسية التي ربما تصل إلى 100%، وهي نسبة لم تسجل في العالم سوى في رواندا اثر المذابح التي حدثت هناك. أما الآثار النفسية أو الصدمات بالنسبة للأطفال فتشمل عدم القدرة على النوم والتعثر في الكلام والالتصاق بالأم. أما المرحلة التالية من الصدمة، فإن الأحداث المزعجة ترتبط لدى الأطفال بالخوف والاكتئاب ورؤية شريط الأحداث بشكل متكرر، وربما الارتباط بالموت. وفي المرحلة التالية، فإن الطفل عندما يكبر فإنه يبحث عن البديل لوالديه وأسرته لعجز المجتمع عن حمايته وتوفير الأمان له، فيلجأ إلى التنظيم الذي يرى فيه الأكثر قوة وتطرفاً وحماية له. إن إسرائيل لا تحارب منظمة حماس فقط، بل إنها تحارب وتقتل جميع أفراد الشعب الفلسطيني بدون استثناء. إن الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وخاصة هذه الحرب على قطاع غزة سوف تظهر آثارها النفسية قريباً لتحصد إسرائيل ثمن ما زرعته من خوف ورعب وقتل وحصار وتشريد، وذلك بانتقام وتطرف للإسرائيليين.. فهل تستمر إسرائيل في حصارها وتشريدها وتعذيبها وقتلها للشعب الفلسطيني؟!!