الشقاء هو حالة جسدية أو نفسية أو اجتماعية أو مادية يعيشها الإنسان مع نفسه أو مع الناس، يعاني فيها تقلبات موجعة تنعكس عليه وعلى من حوله حتى تمتد لمجتمعه إذا لم يوجد لهذا الشقي من حل! ومع إننا أحياناً قد نطلق لقب الشقي في مواضع أخرى للاستظراف أو التعجب إلا أن الشقاء لا بد وأن يلازمه التعب والألم وكثير من الحيرة ولربما الدم والألم. في يوم الإثنين الماضي أصدرت وزارة الداخلية بياناً تفصيلياً عن الأشقياء السعوديين الأربعة الذين ارتكبوا مجزرة في حق أبرياء عزل في "الدالوة" وكشفت عن ثلول أخرى ساهمت للتخطيط لهذه الجريمة البشعة وبتحريض خارجي وتأييد ضمني منهم. هؤلاء الأشقياء الأربعة لهم قصص ومعارك سابقة إلا واحدا منهم كانت "الدالوة" بداية جرائمه ولربما نهاية رحلة شقائه مع نفسه وأهله ومجتمعه. أما الثلاثة الآخرون فقد كان لهم فرص ضائعة للخلاص من شقائهم وحيرتهم لم يستغلوها، بل عادوا لما هم عليه من ضلال أجاز لهم إراقة دماء بريئة في عمل لا ينتمي للبطولة والشرف في شيء، وهم الذين سعوا للإثنين معاً على حد مزاعمهم في مبرراتهم الباطلة التي اتخذوها لكسب تأييد على ما فعلوه! أحد الأشقياء الأربعة تحدث للإعلام وللناس عامة عما مر به من محن وظلم وحكى وبأسى وألم عن أرواح أزهقت بدون ذنب اقترفته وكان مقنعاً في حديثه التلفزيوني وهو يصف معنى الظلم والاضطهاد والحقد والطائفية التي عاناها في سجون العراق التي وقع بها، فكيف أباحت له نفسه الشقية محاولة فعل ما كرهه على نفسه للآخرين حتى وإن اختلف معهم؟ الظلم والقتل والاعتداء والإيذاء للأبرياء لا تبررها إلا النفوس الضالة المضطربة والشقية مع نفسها. فلماذا يختار بعض الشباب الشقاء لأنفسهم ليحَملوا مجتمعهم ومن حولهم وزر شقائهم وهم من ابتدأه لأنفسهم؟ الأشقياء الأربعة وغيرهم ممن شابههم هم مثال لمن يعادي نفسه بنفسه ويفتك بها وبجمال الفطرة التي وجد عليها بما يشقي نفسه فيه من ضلال وتأليب وكره للآخرين ممن يختلفون معه. يحدث الإنسان نفسه أحاديث مختلفة منها ما يجرؤ على قوله لمجتمعه ومنها ما يختزله في نفسه لتكبر وتعظم مثل ورم خبيث يقتل روحه وصفاء سريرته قبل أن يقتل جسده. فبعد أن استتيب هؤلاء وضلوا مراراً هل يفترض بنا أن نتعامل معهم على أنهم أحياء بيننا وهم الذين ما توا بعد أن ضلت بوصلة الصلاح فيهم، ليعيشوا بيننا بأجساد خاوية وأرواح ضالة؟! ليتنا نفهم سبب اختيارهم للشقاء وليتهم يفهمون حقيقة ما نكنه لهم من حب يرغمنا أحياناً للتسامح معهم بالرغم مما أظهروه لنا من جفاء.