لم أرَ صورة أكثر ألماً ولا مشهداً أكثر بؤساً مما تحمله الصورة لأب سعودي يحتضن طفليه البريئين في هيئة (داعشية) يبتسمان وهما يحملان الأسلحة وبجانبهما قنبلة! صورة معبرة لما نحن فيه من ضياع للهوية الإسلامية الحقيقية ولما روج له البعض من دعم للجماعات الضالة بدعوى الجهاد حتى انتهينا بمثل هذا والقادم قد يكون أعظم؟! قصة الطفلين عبدالله وأحمد لا تقف عند حدود الصورة المذيلة بمفهوم خاطئ للجهاد مع الأسف، وإنما تتعداها لجوانب أخرى لا تقل عنها أهمية وهي حماية حقوق الأطفال السعوديين في أسرهم وداخل مجتمعهم من ظلم آبائهم وخصوصاً فيما يتعلق بقضايا الطلاق. تصرف الأب كان بموجب قناعته التامة بملكيته الكلية لأولاده ولا حق لهما عليه ولا لوالدتهما ولا المجتمع الذي ينتمي هو وأطفاله له. ولو فصَلنا القضيتين لوجدنا الظلم واضحاً فيهما بحق الطفلين وبحق أمهما أعانها الله على ما ابتليت به من مصاب وأعاد الله لها طفليها سليمين معافين من أي أذى جسدي أو نفسي يمكن أن يطالهما اللهم آمين. هما في الصورة يبتسمان ببراءة ولا يدركان ما يمكن أن يرياه أو يواجهاه من أهوال فالأمر بالنسبة لهما ليس سوى لعبة دعاهما والدهما إليها في رحلة مميته الله وحده يعلم ماستكون نهايتها ومن سيبكي فيها على أخيه قبل الآخر! ذنب هذين الطفلين معلق في رقاب كثيرة ومن الصعب أن يحللهم أحد منه. هل هذا هو ما ينشده المؤيدون لتنظيم داعش ضمنا أو صراحة بيننا؟ لماذا نزج بأبنائنا لمعاقل الفتن ونحرضهم على ذلك؟ ذلك الأب ليس مجنوناً في عيون البعض بل هو بطل مثلما هو الأمر مع الطبيب السعودي الذي ترك مداواة الناس واختار قتلهم منتحراً وندد به البعض وآخرون رأوا فيه مجاهداً. قطع الرؤوس والأعضاء والتمثيل بالجثث وترويع الآمنين والمسالمين من رجال ونساء وأطفال ليس من الإسلام في شيء ولا يمكن أن يكون كذلك. فلماذا إذاً يفعله أبناؤنا المسلمون، وكيف وجدوا من أهلهم من يشجعهم عليه ويفتي لهم بجوازه؟! عجيب هو أمرنا يخطئ غيرنا ويضلون طريقهم بما يشعلونه من فتن في أراضيهم ويفرون إلينا طلباً للأمان الذي افتقدوه ونرسل نحن شبابنا وأطفالنا وأموالنا لنصححه فندفع الثمن ونخسر أكثر من سوانا. الفتن المحيطة بنا هي خطر على أمننا وعلى أخلاقنا وترابطنا وسلامة عقيدتنا ومن الواجب علينا أن نتدارك الوضع ونمنع وباءهم وضلالهم من الوصول إلينا وإلى مجتمعنا بعزلهم عنا ما استطعنا فليس وراء الفتن وأهلها إلا الدمار والضلال والموت. والتجربة هي البرهان فقد كنا أكثر حكمة ووعياً منهم ولم نسمح للموجة العالية أن تمزق وحدتنا أو تفرق صفنا حتى نجونا مما وقعوا هم فيه لكننا ومع الأسف غفلنا عن جيوب الفتن المخفية التي تسربت إلينا حتى أصابتنا في أعز ما نملك شبابنا لتشتت عقولهم وتهدر دماءهم سدى وبأقل ثمن. فما عدنا ندري من العاقل من المستبصر وهو جاهل، مادام الطبيب المتعلم والأب مع داعش وفي الضلال سواء!