تعمل وزارة الصحة العامة في تايلاند جاهدة على مكافحة صرعة تجميلية جديدة. فبعد الرموش الصناعية التي تلصق بالغراء على الأهداب الطبيعية والكريمات السامة الخاصة بتبييض البشرة والعدسات اللاصقة التجارية الرخيصة التي تزيد حجم حدقة العين فإن اخطر شيء تلجأ إليه الفتيات هو أجهزة تقويم الأسنان. ورغم التحذيرات الصحية المستمرة منذ خمس سنوات، ووفاة فتاتين مراهقتين في العام الماضي مازالت العديد من الفتيات يلجأن إلى استخدام هذه الأداة التجميلية القاتلة. وتقوم المراهقات التايلنديات بطلب أجهزة التقويم عبر الانترنت. وتلجأ اللواتي لا يستطعن تحمل نفقات العلاج لدى أطباء الأسنان إلى استخدام أجهزة تقويم يتم تثبيتها على أسنانهم في أسواق السلع الرخيصة أو غرف المعيشة على ايدي تجار يحصلون على المطلوب عن طريق الطلبات البريدية. وعلى الرغم من رخص ثمنها إلا أنها تبدو وكأنها أصلية. وبجانب أن أجهزة التقويم المقلدة تسبب تقرحات وتشققات في الأجزاء الداخلية للشفة، يحذر مجلس طب الأسنان التايلندي من أنها تسبب أيضا تسمم الدم وتلفا في الأعصاب، إضافة إلى أن مستخدمتها قد تبتلعها. وعن هذه المنتجات تقول سوبابيك كونكايان، طالبة الفنون في بانكوك البالغة من العمر 22 عاما، والتي يفتر ثغرها عن ابتسامة يزينها جهاز تقويم معدني ودارة كهربية تطلق ضوءا أرجوانيا، "اعتقد أنها ظريفة. البعض منا يعاني من معضلات حقيقية ذات صلة بالأسنان. أما بالنسبة للأخريات فإنها مجرد موضة." غير أن هذه الأجهزة الموضة لا قيمة لها من الناحية الطبية وقد تكون قاتلة. ففي شهر أغسطس الماضي أسفرت عملية تركيب جهاز من هذا النوع على يد هاوٍ عن إصابة فتاة من مدينة خون كين الشمالية الشرقية بالتهاب في الغدة الدرقية تطور إلى نوبة قلبية. كما تشير تحقيقات الشرطة في إقليم شون بوري إلى أن صاحب كشك يقوم بتركيب أجهزة التقويم في الهواء الطلق مسؤول عن وفاة فتاة في الرابعة عشرة. ويقول تقرير صدر مؤخرا عن المجلس التايلندي لطب الأسنان وهو يشير إلى الطوابير الطويلة أمام أكشاك تقويم الأسنان غير المرخصة، والتي تعمل أحيانا تحت مسمى مختبرات، "لا ينبغي على المراهقات أن يقررن متى يمكن لهن استخدام مقومات الأسنان الموضة لأنهن لا يفكرن إلا في ركوب موجة الموضة. وكل هذا يعكس أن المجتمع التايلندي لم يتطور إلى مجتمع راشد بعد. انه مجتمع يستقل جهل الفتيات المراهقات." ودفعت الحملات الصحفية التي دانت هذه الممارسات بمروجي التقويمات الموضة إلى اللجوء إلى الانترنت. وأصبحت المواقع الموجهة إلى الشباب حبلى بالإعلانات التي تعد بتقديم خدمات توصيل منزلية حتى إلى المحافظات النائية، بأسعار تتراوح بين 24 دولارا و45 دولارا للطقم. ويشارك أطباء الأسنان المرخص لهم أيضا في هذه الإستراتيجية التسويقية الجاذبة. ويُظهر إعلان لعيادة "بسمة" للأسنان مجموعة من تلميذات المدارس وهن يبتسمن ويتماسكن بالأيدي. وليست تايلاند الدولة الوحيدة التي تعتبر فيها مقومات الأسنان مفيدة من الناحية الطبية التجميلية في آن واحد معا. فقد انتشرت موضة استخدامها بين المراهقات الصينيات، بجانب أنها تعتبر في العديد من الدول النامية دليلا على الثراء والمكانة الاجتماعية. غير أن العديد من التايلنديات اللواتي تم استطلاع آرائهن حول مقومات الأسنان لم يشرن إلى المكانة الاجتماعية وقلن إنها، أصلية كانت أم مقلدة، تجسد جمال الفتاة المراهقة تماما كما تفعل العدسات اللاصقة الخاصة بتكبير العيون والرموش الاصطناعية البراقة ووصلات الشعر. كما أنها تضفي مظهرا جماليا للوجه ينسجم مع لون العينين والمجوهرات والأحذية. وفي هذا الصدد تقول بنجوان انتابوت وهي طالبة لغة انجليزية من مدينة ناخون باثوم (23 عاما)، "كانت لدي فجوات في أسناني. أما الآن فإنها تحمل ألوان قوس قزح . وإذا كانت مثل هذه الألوان متوفرة فلماذا لا أضعها كلها على أسناني." وتبلغ تكلفة مقوم الأسنان الأصلي في بانكوك 1200 دولار يتم دفعها بإقساط شهرية على مدى ثلاث أو أربع سنوات. ولكن هناك العديد من الفتيات الفقيرات اللواتي يرغبن في الحصول على مقومات أسنان ومعظمهن يستخدمنها لأغراض ذات صلة بالموضة. ولهذا السبب فإن السلطات الصحية تتعقب منافذ بيع أجهزة التقويم المقلدة لإغلاقها. وقد تطلب الحكومة من المدرسات توثيق حالات من طالبات تجملن بمقومات أسنان وإحالة اللواتي يستخدمن مقومات مقلدة للسلطات الصحية لإزالتها، وبات كل من يمارس عمليات التقويم بلا ترخيص عرضة للغرامة والسجن لمدة ثلاث سنوات، بينما ستقوم هيئة حماية المستهلك بفرض رقابة لصيقة لواردات المنتجات ذات الصلة بتقويم الأسنان. مقومات الأسنان الموضة تفتك بصحة المراهقات التايلنديات